لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٧) يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٨٨) وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (١٨٩) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ
____________________________________
(لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) بأن ذلك محرم عليكم ١٨٧ (يَسْئَلُونَكَ) يا رسول الله (عَنِ الْأَهِلَّةِ) قيل يسمى هلالا ايضا في ليلته الثانية وقيل في الثالثة وقيل حتى يستدير بخطة دقيقة وقيل إلى الليلة السابعة (قُلْ) لهم ما تدركه عقولهم من حكمتها (هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ) تميز لهم ما يحتاجون اليه في مهماتهم من مقادير الزمان وأوقاته بحسب الأشهر والسنين بتوقيت محسوس للعامة. بل ان الدور الذي تتكون به الأهلة يعرف الناس منه ساعات الليل بتدرج الهلال في الطلوع والغروب الى أن يصير بدر اثم الى ان يعود هلالا (وَالْحَجِ) أي مواقيت للحج (وَلَيْسَ الْبِرُّ) وعمل الخير (بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها) كناية عن تشريعاتهم الجهلية الأهوائية وزعمهم ان العمل بها بر (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى) فانظر الى هؤلاء الذين اتقوا الله وأخلصوا له في طاعته واتباع شريعته واعرفوا البر من اعمالهم. وفي الآية الخامسة والسبعين بعد المائة ذكرنا الوجه والفائدة في جعل «من» الموصولة خبرا للبر (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها) والأمور من وجوهها واعمال البر من حيث أمر الله وشرع. وعن محاسن البرقي مسندا والعياشي مرفوعا عن جابر عن الباقر (ع) في قوله عزوجل (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها) قال (ع) أن يؤتى الأمر من وجهه أيّ الأمور كان. ومن هذا الباب ما اتفقت عليه رواية الفريقين من قول النبي (ص) انا مدينة العلم وعلي بابها (وَاتَّقُوا اللهَ) في أوامره ونواهيه فيما شرعه من الدين القيم وهذا هو البر (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي لتفلحوا ١٨٨ (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) ونصر دين الحق (الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ) عنادا للدين (وَلا تَعْتَدُوا) في القتال عن الحد المشروع (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) وما أشد خسران الذي لا يحبه الله ١٨٩ (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) أي ظفرتم بهم (وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ) وهي مكة المعظمة. ولا يكبر في قلوب الضالين قتالهم وقد عدوا على المسلمين يقاتلونهم لأنهم اسلموا من قبل ذلك وأخرجوهم عن ديارهم في مكة وفوق ذلك انهم لا زالوا يجهدون في أن يفتنوا