وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٢٨٣) لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٨٤) آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ
____________________________________
ومالك امره في الدنيا والآخرة (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) آثم خبر إن وقلبه فاعل او خبر مقدم وقلبه مبتدأ والجملة خبر ان ونسب الإثم الى القلب باعتبار انه آلة الكتمان ولتغليظ الإثم ببيان فساد المبدء للأعمال فإن فساد القلب اصل الشر والبعث على الفساد. وقيل آثم ولم يعبر بالفعل ليدل على دوام الإثم بدوام الكتمان (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ٢٨٣ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) وهو الخالق للكل والمدبر له وبيده امره وأنتم من جملة ذلك فهل يخفى عليه شيء من أموركم (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) في التبيان ومجمع البيان ان المراد بالآية ما يتناوله الأمر والنهي من الاعتقادات والإرادات مما هو مستور عنا وعلى ذلك رواية العياشي عن رجل وعن أبي عمر الزبيري عن الصادق (ع). وقد أورد في الدر المنثور في هذه روايات كثيرة مختلفة متعارضة ومضطربة. منها عن ابن عباس انها نزلت في الشهادة وإقامتها وكتمانها ويرد على الرواية انه ما معنى الحساب على ابدائها وإقامتها. ومنها عن ابن عباس وعائشة انها غير منسوخة وفسر ابن عباس ما يخفونه بالأعمال التي لم يطلع عليها الحفظة. ومنها عن أبي هريرة وابن عباس انها نسخت بقوله تعالى (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها). وفي الرواية عن ابن عباس تفسيرها بوسوسة النفس وعنه تفسيرها تارة بحديث النفس وتارة بالتكذيب. ومنها عن ابن مسعود وعائشة ان الناسخ لها هو قوله تعالى (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) : ولكن هذا غير مستقيم فإن ما لا يدخل في وسع الإنسان لا يكلف الله به لأن التكليف به قبيح فلا يمكن ان يثبت لكي ينسخ بقوله تعالى (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) ولا تكون هذه الآية نسخا لما هو داخل في الوسع واما قوله تعالى (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) فإنه لو اختص إثباته بالافعال الخارجية لما كان فيه دلالة على النفي عن غيرها ليكون ناسخا (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) ممن يستغفر ويتوب ان كان أهلا لأن يتاب عليه (وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٢٨٤ آمَنَ الرَّسُولُ) محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ