فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (١٤٣) وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (١٤٤) فَآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٤٥) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ
____________________________________
الحرب والجهاد (فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا) وهذا يدل على ان معنى الوهن اما ما هو قريب في المعنى من الضعف او هو قسم خاص منه فإن محض التأكيد بالمترادفين بعيد فيمكن ان يراد فما اختل نظام اجتماعهم ولم يعرض لهم الهلع وخمود العزائم وما ضعفت أبدانهم لكونهم استسلموا للرعب والخوف وروعة الحرب (وَمَا اسْتَكانُوا) الاستكانة الذل والخضوع. ويحتمل ان يكون ذلك تعريضا بما يروى من ان بعضا هموا بأن يوسطوا عبد الله بن سلول ليطلب لهم الأمان من قريش. بل ان الربيون صبروا صبر الكرام في حروبهم (وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) وكفاهم بذلك فضلا وفخرا ١٤٣ (وَما كانَ قَوْلَهُمْ) في شدائد الحروب وأمثالها (إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا) قول المستصغر لعمله الخائف من هفوات الزلل والطالب من الله التسديد والمغفرة لما سلف (وَثَبِّتْ أَقْدامَنا) في الجهاد في سبيلك وطاعتك قول الصابر الموطن نفسه على الثبات والطالب من الله التوفيق والتسديد (وَانْصُرْنا) في جهادنا (عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ١٤٤ فَآتاهُمُ اللهُ) جزاء بما عملوا (ثَوابَ الدُّنْيا) من النصر والفتح وسائر النعم (وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ) وفي ذكر الحسن بيان لعظمة ثوابهم في الآخرة وان كان كله حسن واي حسن جزاء لإحسانهم (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ١٤٥ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا) بالطاعة العامة أو في أمر الجهاد والدين. وقيل ان الآية نزلت في عبد الله بن أبي سلول الذي رجع من جيش النبي (ص) عن حرب احد بثلاثمائة من أصحابه وصار يخذل المسلمين عن رسول الله. وفي الكشاف ومجمع البيان وتفسير البرهان مرسلا عن علي (ع) نزلت في قول المنافقين أي للمسلمين عند الهزيمة ارجعوا إلى إخوانكم وادخلوا في دينهم وعليه يكون مورد النزول من احد المصاديق والآية على عمومها (يَرُدُّوكُمْ) عن دين الحق والإيمان والجهاد إلى الوراء والضلال (عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا) بردهم إلى الضلال (خاسِرِينَ) وكفى بذلك هلكة