مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (١٥٧) إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ(١٥٨) وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ
____________________________________
الشعر وقال الفند الزماني :
أيا طعنة ما شيخ |
|
كبير يفن بال |
إلى ان قال : تفتيت بها إذ ك |
|
ره الشكة أمثالي |
فإن قوله تفتيت بها يدل على ان «ما» للتعجب بتعظيم أمر الشيخ في طعنه وقال الفرزدق :
ناديت انك ان نجوت فبعد ما |
|
يأس وقد نظرت إليك شعوب |
أي بعد أيّ يأس شديد. هذا والذين رأيناهم يقولون بزيادة «ما» في الآية يقولون انها زيدت للتأكيد. أفلا قائل يقول لهم على أي وجه يكون التأكيد ولماذا يؤكد. نعم يجدون لها معنى لا تنطبق عليه قواعدهم القاصرة المستحدثة فيلتجئون إلى تسميته بالتأكيد (مِنَ اللهِ) عليهم بل على سائر البشر (لِنْتَ لَهُمْ) وصرت تحتملهم وتعطف عليهم في اختلاف آرائهم وأحوالهم ومما يصدر منهم مما لا يرتضى لكي ينضموا إليك ويهتدوا بهداك فيقام عمود الدين وتنتظم جماعة الإسلام وتنقمع شوكة الكفر والضلال (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ) فسره في التبيان والكشاف بالجافي قاسي القلب وهو نحو من أنحاء ما ذكره اللغويون (لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) وتفرقوا عنك ولكنك على خلق عظيم وبالمؤمنين رؤوف رحيم (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) الذي يعرض أي واستصلحهم واستمل قلوبهم بالمشاورة. لا لأنهم يفيدونه سدادا او علما بالصالح. كيف وان الله مسدده (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى)(فَإِذا عَزَمْتَ) على ما أراك الله بنور النبوة وسددك فيه (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) عليه ١٥٧ (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ) ويكلكم إلى أنفسكم (فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ) شبه جل شأنه في خذلانه لهم باستحقاقهم الخذلان بمن اعرض عنهم وجاوزهم (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) واليه يكون التجائهم ١٥٨ (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) بفتح الياء والغلول هو الخيانة في الغنيمة. والمعنى لا يقع الغلول من الأنبياء وما وقع هذا من أحدهم