وقال ابن الأثير : أما رواية أبي هريرة فشك فيها قوم لكثرتها (١).
وفي الأحكام للآمدي :
أنكر الصحابة على أبي هريرة كثرة روايته ، وذلك لأن الإكثار لا يؤمن معه اختلاط الضبط الذي لا يعرض لمن قلّت روايته.
وجرت مسألة المصراة (٢) في مجلس الرشيد فتنازع القوم فيها ، وعلت أصواتهم فاحتج بعضهم بالحديث الذي رواه أبو هريرة ، فرد بعضهم الحديث وقال : أبو هريرة متّهم فيما يرويه ، ونحا نحوه الرشيد» (٣) انتهى.
وقال محمد رشيد رضا صاحب تفسير المنار :
«لو طال عمر عمر بن الخطاب حتى مات أبو هريرة لما وصلت إلينا تلك الأحاديث الكثيرة (٤)» وقال عن أحاديثه المشكلة : «لا يتوقف على شيء منها إثبات أصل من أصول الدين» (٥).
وقال محمّد رضا في موضع آخر :
«فأكثر أحاديثه ـ أي أبي هريرة ـ لم يسمعها من النبيّ ، وإنما سمعها من الصحابة والتابعين ، فإذا كان جميع الصحابة عدولا في الرواية ـ كما يقول جمهور المحدثين ـ فالتابعون ليسوا كذلك ، وقد ثبت أنه كان يسمع من كعب الأحبار ، وأكثر أحاديثه عنعنة ، على أنه صرّح بالسماع ـ أي أنه سمعه من رسول الله ـ في
__________________
(١) المثل السائر ص ٨١.
(٢) المصراة : هي الناقة أو البقرة يجمع اللبن في ضرعها ويحبس أياما بغير حلب ، لإيهام المشتري أنها غزيرة اللبن ، وسبب رد الحنفية لحديث «المصراة» أنه مخالف للأقيسة بأسرها ، فإن حلب اللبن تعد ، وضمان التعدي يكون بالمثل أو بالقيمة ، والصاع من التمر ليس بواحد منها.
(٣) أضواء على السنة المحمدية ص ٢٠٢ ـ ٢٠٦.
(٤) أضواء ص ٢٠١ نقلا عن مجلة المنار ج ١٠ / ٨٥١.
(٥) نفس المصدر نقلا عن مجلة المنار ج ١٩ / ١٠٠.