المشركين ، فكيف رضي الوليد بن المغيرة عن رسول الله هذا الثناء القصير ، وغفل عن الآيات اللاحقة التي نددت بآلهتهم؟!!
أوليس هنا دليلا ساطعا على أن جاعل القصة من الوضاعين الكذابين حيث افتعل القصة في موضع غفل عن أنه ليس محلا لها؟!
الخامس : إن الله جلّ وعزّ وصف في صدر السورة المباركة نبيّه الأكرم بقوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) ، هنا نسأل : كيف يصح بأن ينسب له عزوجل أن يصف رسوله الكريم في أول السورة بهذا الوصف ثم يبدر من نبيه ما ينافي هذا التوصيف ، وفي وسعه تعالى صون نبيه عن الانزلاق الخطر وهو الاعتراف بآلهة المشركين ، مضافا إلى أن الجملتين الزائدتين اللتين ألصقتا بالآيات كذبا وزورا ، تكذّبها سائر الآيات الدالة على صيانة النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم عن الخطأ والسهو والنسيان في مقام الوحي ، والتحفظ عليه ، كما في قوله تعالى : (إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) (١) وقوله تعالى : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) (٢) (كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) (٣).
السادس : لو كان كما ذكر القوم من أن الشيطان ألقى على لسانه ، لدل على أن الشيطان أجبر النبيّ ، وهذا باطل ، وذلك :
أولا : أنه لو قدر على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك لكان اقتداره علينا أكثر ، فوجب أن يزيل الشيطان الناس عن الدين ، ولجاز في أكثر ما يتكلم به الواحد منا أن يكون ذلك بإجبار إبليس.
ثانيا : إن الله تعالى قال : (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي
__________________
(١) سورة الجن : ٢٧.
(٢) سورة الحاقة : ٤٤ ـ ٤٥ ـ ٤٦.
(٣) سورة الفرقان : ٣٢.