مثال الأول : علمنا بأنّ كل اثنين زوج ، وجهلنا بزوجية ما في يد زيد مثلا ؛ لجهلنا باثنينيته ؛ لكن جهلنا به إنّما هو جهل بالفعل ، وإن كان معلوما بالقوة من جهة دخوله تحت عموم علمنا ، بأن كل اثنين زوج.
ومثال الثانى : ظنّ كون البغلة المنتفخة البطن حبلى ، مع العلم بأنّها بغلة ، وأنّ كل بغلة عقيم ؛ فالعلم بكونها عقيما واقع بالقوّة ، والجهل بذلك بالفعل.
فمستند الجهل في المثال الأول : إنما هو عدم العلم بالمقدمة (١) الجزئية.
وفي الثانى : الغفلة عن / الارتباط بين المقدمتين ؛ فالطلب إذن إنما (٢) هو لمثل هذا المجهول ؛ فإذا بحث عن الشيء الفلانى أنه كذلك ، أم لا. فإذا ظفر به وعرفه على الصّفات التى كانت معلومة له بالقوة ، عرف لا محالة أنه مطلوبه.
أما أن يكون الطلب لما علم ، أو جهل مطلقا ؛ فلا.
وعن الشبهة الثالثة : أنّ العلم بصحّة النّظر ضرورى ، ومخالفة بعض العقلاء فيه ؛ لا تقدح فيه ، كما سبق. وبه اندفاع الشبهة الرابعة.
ثم وإن سلمنا أنه نظرى ؛ لكن إثبات صحة النظر بالنّظر غير متناقض كما يعلم العلم بالعلم.
وأما نفي صحّة النّظر بالنّظر ؛ فاعتراف بإفضاء النّظر ؛ إلى إبطال النظر ؛ وهو تناقض ، وليس إثبات صحة النظر بالنظر ، هو إثبات صحة النظر بصحة النظر ، (٣) ولا إثبات النظر بالنظر ، حتى يكون الشيء الواحد مثبتا لنفسه ، ويكون من حيث هو مطلوب غير حاصل ، ومن حيث هو آلة في طلب نفسه حاصلا ؛ فيكون تناقضا.
وعن الشبهة الخامسة والسادسة : أنّ النظر الصحيح ، لا يتصور معه التشكّك والريبة في (٤) المنظور فيه ، بخلاف الفاسد (٤).
__________________
(١) في ب (في المقدمة).
(٢) ساقط من ب.
(٣) في ب (ولا هو).
(٤) في ب (في المنظور له بخلاف النظر الفاسد).