ولقائل أن يقول :
لا مانع أن يقال : بأن ما نراه من الألوان عند انبساط الشمس على وجه الأرض ، ونقصان الظل ، وتقلص الشمس ، وازدياد الفيء ؛ إنما هو لون تكتسبه الأرض بسبب انبساط الشمس ، وتقلصها غير ما لها من اللون (١) فى نفسها ، لا (٢) أنه لون الهواء.
ثم وإن سلم أنه لون / الهواء ؛ ولكن لا نسلم أنه يلزم من رؤية لون الشيء ؛ رؤية ذلك الشيء على ما ذهب إليه بعض أصحابنا. وإن خالف فيه أكثر المعتزلة ، وكثير من أصحابنا. ولعله الأظهر على أصول أصحابنا. نظرا إلى أن المصحح للرؤية إنما هو الوجود ؛ واللون موجود ؛ فلا يتوقف في رؤيته على رؤية محله.
وربما عضد من نفى رؤية الهواء : بأنه لو كان مرئيا ؛ لميز الرائى بين الراكد منه والجارى : كالماء ؛ واللازم ممتنع.
وأيضا : فإنه لو كان مرئيا ، لما خالف فيه قوم لا يتصور على مثلهم التواطؤ على الكذب ، والخطأ.
وقد خالف في ذلك أكثر المعتزلة و (أكثر (٣)) أهل الحق من المتكلمين ؛ وهم قوم لا يحصرهم عدد ، ولا يتصور من (٤) مثلهم (٤) التواطؤ على الخطأ عادة ؛ بخلاف السوفسطائية.
وأما حجة من احتج على رؤية الهواء ليلا ؛ فما نراه عليه من السواد ، والظلمة ؛ وإليه ميل القاضى أبى بكر.
ولقائل أن يقول :
إنا (٥) لا نسلم رؤية الشيء في الليل المدلهم. ولهذا فإن الإنسان لا يجد تفرقة في الليل المدلهم بين حالة كونه مغمض العين ، وبين حالة فتحها ؛ وهو غير راء حالة
__________________
(١) فى ب (الألوان).
(٢) فى ب (إلا أنها).
(٣) ساقط من أ.
(٤) فى ب (منهم).
(٥) ساقط من ب.