قلنا : إنما يلزم انتفاء فائدة التخصيص ؛ أن لو انحصرت فائدة التخصيص في نفى حكم المنطوق عن المسكوت ؛ وهو غير مسلم.
ولعله كان لخصوص سؤال سائل عنه دون غيره ، أو لمعنى آخر.
وإن سلمنا أنه أراد بالأبصار المبصرين ؛ [ولكن لا نسلم] (١) أن الألف ، واللام للعموم.
وإن سلمنا أنها للعموم في الأشخاص ؛ فلا / نسلم أنها للعموم بالنظر إلى الأزمان ، ولا يلزم من العموم في الأشخاص ؛ العموم في الأحوال.
ولهذا فإنه لو قال قائل : كل من دخل إلى دارى فأعطيه درهما. فإنه وإن عم كل داخل ؛ فانه لا يعم كل زمان حتى إنه لو دخل مرة ثانية ، من دخل أولا ؛ فإنه لا يستحق شيئا.
قولهم : إنه لو جاز أن يرى في بعض الأزمان ؛ لزال عنه التمدح والاستعلاء ، عنه أجوبة ثلاثة :
الأول : أنا لا نسلم أنه أراد التمدح بكونه لا تدركه الأبصار ؛ فإنه وإن تميز بذلك عن غيره من المدركات ، فمشارك للمعدوم في ذلك بالإجماع منا ، ومن الخصوم. وللطعوم ، والروائح ، عندهم.
فإن قيل : ومشاركته لبعض الأشياء في نفى كونه مدركا ، لا يزيل حكم التمدح. ولهذا فإنه ـ تعالى ـ قد تمدح بقوله ـ تعالى ـ : (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) (٢) ولم يبطل حكم التمدح بكون بعض الأجسام ، وجمع الأعراض كذلك.
قلنا : ليس التمدح بنفى السّنة ، والنوم عنه ؛ بل بما نبه عليه بذلك من نفى الغفلة ، والذهول ، واستحالة خروجه عن كونه عالما ؛ وذلك موجود (٣) فى الأعراض ، وغيرها من الأجسام.
الثانى : وان سلمنا أنه أراد به التمدح ؛ ولكن لا نسلم أن معنى التمدح يبطل بسبب عدم استمرار ذلك في كل زمان ؛ فإنه ـ تعالى ـ كما يتمدح بالصفات النفسانية
__________________
(١) فى أ[ولا نسلم].
(٢) سورة البقرة ٢ / ٢٥٥.
(٣) فى ب (غير موجود).