اللازمة ؛ فقد يتمدح بالصفات الفعلية الغير لازمة (١) : ككونه (١) خالقا ، ورازقا ، وموجدا ، إلى غير ذلك.
ثم ولو كان التمدح لا يتم دون أن لا يكون مدركا مطلقا ؛ لما كان تخصيص الكفار بقوله ـ تعالى ـ : (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) (٢). فائدة ؛ لعموم ذلك بالنسبة إلى غيرهم.
الثالث : وإن سلمنا لزوم ما به التمدح في كل زمان ؛ ولكنا نعلم أن ما أثبته لنفسه من الإدراك هو غير (٣) ما نفاه عن الأبصار.
وعند ذلك : فإما أن يكون إدراك الرب ـ تعالى ـ بمعنى الرؤية ، كما قاله البصريون من المعتزلة.
وإما بمعنى العلم لا بمعنى الرؤية ؛ كما قاله البغداديون منهم (٤).
فإن كان الأول : فهو محال على أصلهم حيث قالوا : إن الإدراكات لا تدرك (٥) والأبصار من الإدراكات ،
وإن كان الثانى : فمدلوله أن الأبصار لا تعلمه ، ولا يلزم من ذلك نفى الإدراك. كما لا يلزم من نفى الإدراك عن النفس (٦) نفى العلم.
وإن سلمنا أن الآية عامة مطلقا غير أنها عامة في كل الأشخاص ، والأزمان ، وأثبتنا خاصة في بعض الأشخاص ، وبعض الأزمان ، وإذا تعارض الخاص والعام ، كان الخاص مقدما ، على العام ؛ لقوة دلالته ، ولما فيه من الجمع بينه ، وبين العام ؛ فإنه لا يلزم من العمل بالخاص ؛ إبطال العام (٧) بالكلية ؛ لإمكان العمل (٨) به في غير محل التخصيص (٩) ؛ بخلاف العكس.
__________________
(١) فى ب (اللازمة لكونه).
(٢) سورة المطففين ٨٣ / ١٥
(٣) فى ب (عين).
(٤) انظر الأصول الخمسة للقاضى عبد الجبار ص ١٦٨.
(٥) فى ب (لا تبصر).
(٦) فى ب (الشيء).
(٧) فى ب (العمل).
(٨) فى ب (العلم).
(٩) فى ب (الخاص).