ومن أراد معرفة حقيقة كل واحد من هذه الأجناس ، وأنواع أنواعها إلى الأنواع التى لا نوع تحتها على طريق الاستقصاء ، فعليه بمراجعة دقائق الحقائق (١) ، ورموز الكنوز (٢).
وهذه القسمة وإن أومأ إليها أفضل متأخرى الفلاسفة (٣) ؛ فهى مدخولة غير وافية بالغرض.
أما أولا : فلأنه إما أن يريدوا بالموضوع مطلق محل ، أو محلا خاصا.
فإن كان الأول : فيلزم على أصلهم أن لا تكون الصورة الجسمية جوهرا ؛ لقيامها بالمحل ، وهو المادة ، وقد قالوا : إنها جوهر.
وإن كان الثانى : فإما أن يكون هو ما فسروا الموضوع به ، أو غيره. فإن كان غيره ؛ فلا بد من تصويره ، والدلالة عليه.
وإن كان هو ما فسروا الموضوع به.
فقولهم : الموضوع هو المحل المتقوم ذاته : إما أن يريدوا بكونه متقوم الذات ؛ أنه لا يفتقر فى وجوده إلى محل آخر يقومه ، أو أنه لا يفتقر فى وجوده إلى ما قام به ، أو معنى آخر.
فإن كان الأول : فيلزمهم أن لا يكون العرض عندهم موضوعا للعرض ، لافتقار كل عرض إلى محل يقومه ، وقد قالوا : إن الحركة موضوعة للسرعة (٤) ، والسطح موضوع للملاسة / والخشونة ؛ والحركة عرض بالاتفاق.
والسطح أحد أنواع الكم عندهم ؛ فيكون عرضا.
وإن كان الثانى : فالمادة الجسمية بالنسبة إلى الصورة الجسمية إما أن تكون مفتقرة إلى ما قام بها من الصورة الجسمية فى وجودها ، أو لا تكون مفتقرة إليها.
فإن كانت مفتقرة فى وجودها إلى ما قام بها من الصورة ، فالصورة أيضا مفتقرة فى وجودها إلى المادة ؛ لكونها محلا لها ، ووجود الصورة دون محلها محال ؛ وذلك دور
__________________
(١) أحد كتب الآمدي الفلسفية. انظر عنه ما مر فى المقدمة.
(٢) أحد كتب الآمدي الفلسفية انظر عنه ما مر فى المقدمة.
(٣) المقصود به الشيخ الرئيس ابن سينا. راجع ترجمته فى هامش ل ٧٢ / ب من الجزء الأول.
(٤) ساقط من ب.