وليس القول بكون أحد الأمرين طبيعيا ، أولى من الآخر.
فلئن قالوا : دليل كون الهواء حارا بطبعه وكون الماء ، والتراب باردا بطبعيهما ، وأنه لو برد الهواء بسبب مبرد ، أو سخن الماء
أو التراب بسبب مسخن ، ثم زال القاسر عاد الهواء حارا ، والماء والتراب باردا ؛ وذلك دليل كونه طبيعيا له.
قلنا : وما المانع أن يكون ذلك العائد أيضا بسبب أوجب عوده من استيلاء ما يوجب التسخين أو التبريد. وعدم وجدانه لا يدل على عدمه فى نفسه.
كيف : وأنهم قد قضوا ببساطة كل عنصر من العناصر وطبيعة البسيط لا تكون إلا واحدة.
وقد قضوا بأن الطبيعة الواحدة فى البسيط الواحد لا تقتضى إلا المتشابه دون الأمور المختلفة. ولا يخفى أن الحرارة مع الرطوبة أو اليبوسة ، وكذلك البرودة مع الرطوبة ، أو اليبوسة من المختلفات ، فكيف كانت ثابتة فى البسيط الواحد بمقتضى طبيعة واحدة فى كل واحد من العناصر.
ومن أراد الإمعان فى معرفة مناقضاتهم ، وظهور فضائحهم ؛ فعليه بمراجعة دقائق الحقائق (١).
__________________
(١) دقائق الحقائق أهم كتب الآمدي الفلسفية انظر عنه ما مر فى المقدمة.