وأما ما ذكروه فى الدلالة على ذلك : فإنما يستقيم أن لو كان ذو الميل الأضعف يقطع المسافة فى نصف زمان الميل الأقوى ؛ وليس كذلك ؛ بل إنما يقطعها فى ثلاثة أرباع زمانه ، فإنا لو رفعنا العائق وهما لقطعناها فى نصف يوم.
فإذا فرض العائق فى أحدهما على النصف من العائق فى الآخر. فإذا كان العائق الأقوى قد أثر فى زيادة نصف يوم.
فالعائق الأقوى الّذي هو على نصفه يجب أن يكون مؤثرا فى نصف ذلك النصف ؛ وهو ربع اليوم.
فإذن ما لا ميل له يكون قد قطع المسافة فى نصف يوم ، وذو الميل الأقوى فى يوم ، وذو الميل الأضعف فى ثلاثة أرباع يوم ، ولا مساواة.
قولهم : وإن لم يكن قابلا للانتقال عن حيّزه ؛ فلا بد وأن يكون بسيطا ؛ مسلم.
قولهم : والطبيعة الواحدة فى المادة الواحدة لا تقتضى غير الكرىّ قد أبطلناه فى الفصل المتقدم (١).
وإن سلم أنه لا بد وأن يكون كريا ؛ ولكن لم قالوا إنه لا بد فيه من مبدأ ميل.
قولهم : ليس بقاؤه على وضع أولى من غيره مسلم ؛ ولكن إنما يلزم عليه الانتقال لتبدل الأوضاع إن لم يكن متخصصا ببعضها بتخصيص الفاعل المختار ؛ ولا سبيل الى نفيه على ما حققناه (٢).
ثم لو كان ذلك مستندا إلى قوة طبيعية ؛ للزم أن تكون الحركة الدورية طبيعية ؛ وهو محال ؛ لأن المتحرك بالطبع لا بد وأن يكون على أصلهم متحركا عما لا يلائم إلى ما يلائم.
والمتحرك فى الوضع ما من وضع يقدّر هربه منه ، إلا وهو طالب له. وما من وضع يقدر طلبه له ، إلا وهو هارب عنه ، ولم يقولوا به.
__________________
(١) انظر ما مر فى الفصل المتقدم ل ٢٧ / أوما بعدها.
(٢) راجع ما مر فى الجزء الأول ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع السادس ـ الأصل الثانى : فى أنه لا خالق إلا الله ـ تعالى ـ ولا مؤثر فى حدوث الحوادث سواه ل ٢١١ وما بعدها.