فإذن المحدّد غير قابل للحركة المستقيمة ، ويلزم من ذلك أن يكون بسيطا ، لا مركبا من أجسام مختلفة الطبائع ، وإلا لأمكن عليه التحلل والانفكاك ، وخرجت الجهة عن أن تكون متحدّدة ؛ ويلزم من ذلك أن يكون شكله الطبيعى له ، كريّا ، لأن الطبيعة الواحدة فى المادة الواحدة ، لا تقتضى من الأشكال غير الكرى ؛ كما تقدم.
ويلزم من ذلك أن لا يكون قابلا لغير شكله الطبيعى ، وإلا لقبل التحدد ، والحركة المستقيمة ولا يوصف بثقل ، ولا خفة ، وإلا كان فى طباعه الميل إلى حيّزة ، إما هبوطا ، أو صعودا بتقدير زواله عنه قسرا.
ولا يوصف بحرارة ، ولا برودة : إذ الحرارة ملازمة للخفة ، لزوما معاكسا ، [والبرودة ملازمة للثقل لزوما معاكسا] (١)
ولا برطوبة : إذ الرطوبة عبارة عن قوة يسهل بها قبول الجسم الّذي قامت به الانقسام بسهولة.
ولا بيبوسة : إذ هى عبارة عن قوة يعسر معها قبول الانقسام فيما هو قابل له ، وإلا كان قابلا للحركة المستقيمة ، ولأن كل واحدة منهما ؛ فلا بد وأن يلازمها الثقل ، أو الخفة ، وقد قيل بامتناعه ، وأنه لا يقبل الخرق ، والشق. وإلا كان فى طباع أجزائه ، قبول الحركة المستقيمة.
ولا الكون بعد العدم ، والفساد بعد / الوجود وإلا كان حيزه متحددا دونه ، أو غير متحدد ، ولا يقبل التخلخل والتكاثف ، والنمو ، والذبول ، وكل ما يفضى إلى قبول الحركة المستقيمة ، ثم طرد هذه الأحكام فى جميع الأفلاك (٢)
وطريق الرد عليهم أن يقال :
وإن سلمنا أن المحيط بالعالم وهو المحدد لجهة فوق جسم ؛ ولكن لا نسلم امتناع قبوله الحركة المستقيمة ، وإلا كان ذلك ؛ لكونه جسما أو للازم كونه جسما ؛ ولزم مثله فى جميع الأجسام.
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) عرف الجرجانى الفلك بأنه جسم كريّ يحيط به سطحان : ظاهرى وباطنى ، وهما متوازيان مركزهما واحد.
[التعريفات ص ١٩١].