مستنيرة من كوكب آخر فوقها هو مستور عنا ببعض الأجرام المظلمة السماوية ، كما يحدث للشمس فى حالة الكسوف.
وإن سلمنا أنها نيرة بنفسها ؛ فلا نسلم أن نور القمر مستفاد منها ، وما المانع من كون الرب تعالى ـ يخلق فيه النور فى وقت دون وقت ، أو أن يكون مع كونه مركوزا فى فلكه دائرا على مركز نفسه ، وأحد وجهيه نيرا والآخر مظلما ، كما / كان بعض أجزاء الفلك شفافا ، وبعضها نيرا ، وهو متحرك بحركة مساوية لحركة فلكه ؛ فيكون وجهه المضيء عند مقابلة الشمس هو الّذي يلينا. وتكون الزيادة ، والنقصان فيما يظهر لنا من الوجه النير على حسب بعده ، وقربه من الشمس ؛ فلا يكون مستنيرا من الشمس.
وأما ما ذكروه فى باقى الكواكب.
أما القول الأول : فمدخول مما قيل فى القول الثانى. والقول الثانى فمدخول باحتمال ما قيل فى القول الأول ، ولا دليل على إبطال كل واحد منهما وتعيين الآخر.
وأما ما ذكروه فى محو القمر فباطل :
أما القول الأول : فإنه خيال لا حقيقة له ؛ فلأنه لو كان كذلك ؛ لاختلف الناظرون فيه.
وأما الثانى : فلأنه لو كان كذلك ؛ لاختلف أيضا باختلاف أحوال القمر فى بعده ، وقربه ، وانحرافه عن الشيء المنطبع فيه ، ولكان يجب أن يكون ما يتخيل فيه على شكل كرى ؛ لأن ما يوجد من الاختلاف فى الأرض ، والجبال ؛ فهو كالتضريس ويمحق على البعد.
وأما القول الثالث : فلأنه لو كان كذلك ؛ لما رؤى متفرقا.
وأما القول الرابع : فإنما يصح أن لو كان القمر مماسا للنار ، وكان قابلا للسحق وليس كذلك على أصلهم.
وأما القول الخامس : فمع بعده يوجب أن يكون فعل الطبيعة عندهم معطلا عن الفائدة ؛ لأن فائدة الحاجبين عندهم رد الطرف عن العين ، وفائدة الأنف للشم. والفم لدخول الغداء فيه. وليس للقمر ذلك.