ينظر إلى المضاف إليه ، لا من حيث هو مضاف إليه ، بل من جهة كونه ذاتا ما ؛ فإنه لا يلزم أن يكون من حيث هو ذاتا مضافا إلى ما أضيف إليه ؛ وذلك كما إذا قلنا : زيد فى المكان ، أو زيد بن عمرو ، فإنا إذا نظرنا إلى المكان ، أو إلى عمرو من حيث هو ذات ؛ أو حقيقة ما ؛ لا يكون مضافا إلى زيد ، ولكن ذلك لا يمنع من كونه مضافا من جهة أخرى.
ثم وإن سلمنا صحة القسمة ؛ ولكن قوله إن انعكس فهو جنس الإضافة ؛ فيلزم عليهم أن تكون إضافة من الأعراض الوجودية ؛ ضرورة كونها جنسا من أجناس الأعراض الموجودة ؛ ويلزم من ذلك أن يكون الرب ـ تعالى ـ متصفا بصفات عرضية وجودية زائدة على ذاته ؛ ضرورة كونه متصفا بالصفات الإضافية عندهم ؛ وهو خلاف أصلهم ، ولا مخلص لهم من ذلك ، إلا بمخالفة أحد أصليهم وهو : إما اعتقاد جواز اتصاف الرب ـ تعالى ـ بصفات وجودية زائدة على ذاته ، أو باعتقاد أن الإضافة ليست من أجناس الموجودات الممكنة ؛ ولم يقولوا بشيء من ذلك.
وإن سلمنا صحة ذلك ؛ ولكن قوله وإن انعكس عليه ؛ فهو إما جوهر ، أو عرض مسلّم ؛ ولكن لا نسلم امتناع كون المنسوب إليه جوهرا.
قوله : لأن الجوهر من حيث هو جوهر ليس بمضاف إليه ، ولا منسوب ، وما وقع منه مضافا ؛ فلا يكون إلا بعارض فيه كما ذكر ؛ فيلزم من ذلك أن لا يكون أيضا منسوبا إلى الكم والكيف ؛ إذ هو من حيث هو كم ، أو كيف أيضا غير مضاف إلا بعارض يعرض.
وإن سلمنا امتناع كونه جوهرا / ؛ ولكن لا نسلم امتناع كونه من قبيل المنسوبات.
قوله : لأنه يلزم منه التسلسل. إنما يلزم ذلك أن لو كان المنسوب إليه يجب أن يكون منسوبا إلى ما هو منسوب إليه أيضا ؛ وهو غير لازم.
وإن سلمنا امتناع ذلك ؛ ولكن لا نسلم انحصار ما ليس بمنسوب فى الكم والكيف والوضع. وما المانع من كون الملك كذلك. والملك حالة تحصل للجسم بسبب نسبته إلى ما له ، أو لبعضه تنتقل بانتقاله ؛ لا أنه نفس النسبة. كما أن الأين : عبارة عن حالة تحصل للجسم بسبب نسبته إلى مكانه.
ومتى : حالة تحصل للجسم بسبب نسبته إلى زمانه.
والوضع : حالة تحصل للجسم بسبب نسبة أجزائه ، ولا فرق.