وإن سلمنا وجود مؤثر غير الله ـ تعالى ـ جدلا ؛ ولكن لا نسلم تأثير العناصر بعضها فى بعض ، ولا شيء من الأجسام فى شيء من الأجسام ؛ وذلك لأن الاتفاق من العقلاء واقع على امتناع علية الجسم فى الجسم إذا كان منفصلا عنه.
والامتزاج لا معنى له غير التماس ، والتماس لا معنى له غير وجود الجسمين فى حيّزين لا يفصلهما ثالث.
فمن ادّعى وجود التأثير مع المماسة يحتاج إلى الدليل والفرق بيّن من حالة المماسة وعدمها ، فيما يرجع إلى التأثير. كيف وأن تأثير كل عنصر فى إبطال كيفية العنصر الآخر. إما أن يكون بعموم جسميته ، أو بخصوص صورته وطبيعته أو بكيفيته ، أو بالمجموع ، أو بمعنى آخر.
فإن كان الأول : فهو ممتنع. وإلا كان كل واحد منهما مؤثرا فى إبطال كيفية نفسه بعموم جسمه ؛ ضرورة المساواة ؛ وهو محال
وإن كان الثانى : فتأثير كل واحد فى إبطال كيفية الآخر مع أنها مقتضى طبعها المنفعل يلزم منه أن يكون تأثير طبيعة كل واحد منهما أقوى من تأثير طبيعة كل واحد منهما ؛ وهو محال.
وذلك لأنه إذا كانت كيفية كل واحد منهما مقتضى طبعه ، فإذا كانت طبيعة الآخر مؤثرة فى إبطال كيفيته ؛ فقد ترجح اقتضاء طبيعة الفاعل على اقتضاء طبيعة المنفعل ، وكذلك بالعكس.
وإن كان (١١) / / الثالث : فتأثير كيفية كل واحد منهما فى إبطال كيفية الأخر ، أو ضعفها يستدعى بقاء قوة الكيفية المؤثرة عند تأثيرها فى ضعف المنفعلة ، وإلا لا امتنع تأثيرها فيها ، وكذلك فى تأثير الأخرى فيها ؛ ويلزم من ذلك أن تكون كل واحدة باقية على قوتها بعد ضعف الأخرى ؛ وهو محال.
ويلزم من إبطال كل واحد من هذه الأقسام الثلاثة إبطال القسم الرابع.
وإن كان الخامس : فلا بد من تصويره والدّلالة عليه.
__________________
(١١)/ / أول ل ٢٠ / ب من النسخة ب.