قال : وليس السكون مما يشترط فيه اللبث ؛ / وإلا لما تصور وجود السكون أصلا ؛ إذ السكون عرض ، والعرض غير باق على ما سلف (١) ؛ وما لا بقاء له ؛ فاللبث فيه ممتنع.
بل الموجود فى الزمن الثانى ؛ إنما هو كون غير الكون فى الزمن الأول.
وإذا كان الثانى سكونا ؛ فالأول مثله.
فيجب أن يكون سكونا ، ولا يمكن أن نجعل المجموع هو الكون المعبر عنه بالسكون ؛ وإلا لما كان السكون معنى واحدا ؛ بل متعدّدا ولم يقل به أحد من المحصلين ؛ وهو متجه.
وقد قال : الأستاذ أبو إسحاق فى الجواب ما يؤول إلى جواب القاضى أيضا
وهو أن كون الجوهر فى أول زمان حدوثه سكون فى حكم الحركة ..
أما أنه سكون ؛ فلما سبق.
وأما أنه فى حكم الحركة : فمن جهة أنه غير مسبوق بكون آخر مثله فى ذلك الحيّز كما فى الحركة.
ثم وإن سلم أن كون الجوهر المفروض فى أول زمان حدوثه خارج عن الحركة ، والسكون ؛ فلا يلزم مثله فى الحالة الثانية ، وإلا فلو لزمت التسوية بين الحالتين ؛ لامتنع القول بوجود الحركة ، والسكون فى الحالة الثانية كما فى الأولى ؛ وهو محال.
والحق فى ذلك أن كل واحد من هذه المذاهب ممكن فى نفسه ، والقطع به غير واقع.
وإن كان الأشبه إنما هو مذهب الأصحاب بالنسبة إلى مذهب أبى هاشم ؛ لما فيه من التعليل الظاهر المعقول دون ما ليس ظاهرا ، ولا معقولا.
هذا ما عندى فى هذا الباب ؛ وعسى أن يكون عند غيرى خلافه.
وإذا ثبت أن الأكوان لا تحقق لها إلا بالنسبة إلى اختصاص الجوهر بالمكان ، أو تقدير المكان ؛ فلا بد من تحقيق وجود المكان ، ومعناه.
__________________
(١) راجع ما مر فى الفرع الرابع ل ٤٤ / ب وما بعدها.