ولو كان كذلك ؛ لكان المكان ملازما للمتمكن فى حركته ، وسكونه ؛ ضرورة كونه متقوما به. ولما تصور حركة المتمكن عن المكان ، ولا إليه.
وقد قيل : بأن المكان هو ما تقع الحركة عنه ، وإليه.
وهذه المحالات إنما لزمت من القول بوجود المكان ؛ فهو محال.
والجواب :
قولهم : لا معنى للحركة والانتقال غير الاستدلال بالقرب ، والبعد.
قلنا : مطلقا أو من حاصر يحصر المتنقل.
الأول : ممنوع ، والثانى : مسلم.
وعلى هذا : فلا يلزم أن تكون النقطة بالتفسير المذكور مكانا ؛ إذ لا حاصر لها ؛ لكونها عدمية.
وقولهم : لو توقفت الحركة على المكان ؛ لكان المكان علة لها ؛ غير مسلم ، وما المانع أن يكون ملازما لها ؛ واللازم أعم من كونه علة ، ولا يلزم من وجود الأعم ، وجود الأخص.
وما ذكروه من المعارضة ؛ فباطل أيضا ؛ فإنه ما المانع أن يكون المكان جسما (١).
قولهم : يلزم أن يكون له مكان آخر ممنوع ؛ بل اللازم للجسم : إما المكان ، أو تقدير المكان ، ولا تسلسل.
وإن سلمنا : امتناع كونه جسما ، فما المانع من كونه عرضا (٢).
قولهم : لو كان عرضا ؛ لكان موضوعه متمكنا ، ليس كذلك ؛ فإن مصدر المتمكن ليس هو المكان ؛ بل التمكن ؛ وهو غير المكان. وموضوع المكان على هذا لا يقال له متمكن ؛ ضرورة قيام المكان به.
وعلى هذا : فقد اندفع ما ذكروه من الإشكال.
__________________
(١) الجسم : فعبارة عن المؤتلف عن جوهرين فردين فصاعدا. [المبين للآمدى ص ١١٠].
(٢) العرض : عبارة عن الموجود فى موضوع. [المبين للآمدى ص ١١٠].