وأما حجة الرماد دون الشراب فغير صحيحة ؛ فإنها خلاف ما دل عليه الاعتبار. وبتقدير الصحة ؛ فلا مانع أن يكون الرّب ـ تعالى ـ قد أعدم بعض أجزاء الرماد ، أو الشراب حتى صار غيره فى مكانه.
وأما الحجة الأولى على امتناع الخلاء فمبنية على أن المتحرك فى الخلاء. إذا قطع المسافة فى نصف يوم مثلا ، والمتحرك فى الملاء الأكثف قطعها فى يوم مثلا. وكان الملاء الأرق فى المانعة على النصف من الملاء الأكثف أنه يجب أن يكون المتحرك فى الملاء الأرق قد قطع المسافة فى نصف يوم ؛ ضرورة أن المانع فيه على النصف منه فى الملاء الأكثف ، وليس كذلك ؛ بل إنما يقطعها عند التقدير فى ثلاثة أرباع يوم.
وذلك أنا لو قدرنا عدم المانع فى الملاء الأرق ؛ لكان قطعه للمسافة فى نصف يوم. ولم يظهر تأثير المانع فى الملاء الأكثف إلا فى زيادة نصف يوم.
فإذا كان المانع فى الملاء الأرق على النصف منه فى الملاء الأكثف ، فيظهر مما نعته فى نصف ما أثرت فيه ممانعة الأكثف ؛ وذلك ربع يوم.
وعلى هذا فلا مساواة بين المتحرك فى الخلاء ، والملاء الأرق.
وأما باقى الحجج فضعيفة ؛ إذ لا مانع أن يقال :
ذلك كله إنما هو بفعل فاعل مختار (١) بحكم جرى العادة كما فى الشبع عند الأكل والرى عند الشرب للماء أما أن يكون ذلك لامتناع / الخلاء فلا.
وعلى هذا فالمسألة من الطرفين غير يقينية عندى ، ومن ظهر له اليقين ؛ فعليه باعتقاده.
__________________
(١) راجع ما مر فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع السادس ـ الأصل الثانى : فى أنه لا خالق إلا الله ـ تعالى ـ ولا مؤثر فى حدوث الحوادث سواه ل ٢١١ / ب وما بعدها.