الحجة الثانية : قالوا : إنا نشاهد وقوف ذوات التجاويف على المادة بسبب تعلق الهواء. بقعرها ونتوء اللحم الممصوص بالقارورة. وكذلك السحارة المملوءة ماء إذا سدّ رأسها لا ينزل منها الماء ؛ بخلاف ما إذا فتح رأسها.
وكذلك نشاهد بقبقة الكوز الضيق الرأس ؛ إذا صب منه الماء ؛ لدخول الهواء فيه ؛ ليكون بدل ما ينزل من الماء ؛ وليس ذلك الّا بسبب امتناع الخلاء.
وفى حجج المذهبين نظر :
أما الحجة الأولى : على جواز الخلاء ، فلقائل أن يقول : ما المانع من الحركة من غير مداخلة ، ولا مدافعة ؛ وذلك بأن يعدم الله ـ تعالى ـ ما يلى الجسم المتحرك من الأجسام حالة حركته شيئا ، فشيئا ويخلق ما يملأ حيزه المتفرغ منه حالة خلوه منه شيئا فشيئا ، إلى حيّز سكونه.
وأما حجّة / النمو (١) فلقائل أن يقول : ما المانع أن يكون النمو زيادة أبعاد الجسم ل ٥٣ / أالثانى : بأن يخلق الله ـ تعالى ـ زيادة أخرى فى أقطار الجسم شبيهة به عند الأكل ، والشرب ، بحكم جرى العادة من غير خلو بين أجزاء المغتدى وبتقدير أن تكون الزيادة ، والنمو من أجزاء المغذى فما المانع من مدافعتها لأجزاء الثانى إلى غير أحيازها ، وحصول أجزاء المغذى فى أحيازها ، ولا يلزم منه المدافعة لما يلى أجزاء الثانى من الأجسام عن أماكنها ؛ لما سبق فى الحجة الأولى (٢).
وأما حجة التكاثف والتخلخل (٣) : فلقائل أن يقول : ما المانع أن يكون التخلخل بخلق الله ـ تعالى ـ أجزاء زائدة فيه. والتكاثف باعدام بعض أجزائه ؛ لا أنه بسبب الخلاء.
وأما حجة السطحين : فما المانع أن يخلق الله ـ تعالى ـ مع ارتفاع أحدهما عن الآخر بينهما المالى لما بينهما ؛ لا بأن يكون واحدا من الطرفين.
__________________
(١) عرف الآمدي النمو فقال : «وأما النمو فعبارة عن زيادة أقطار الجسم بما يرد عليه من الغذاء ويستحيل شبيها به» (المبين للآمدى ص ١٠١).
(٢) راجع ما مر ل ٥٢ / أوما بعدها.
(٣) التكاثف : هو انتقاص أجزاء المركب من غير انفصال شيء.
وأما التخلخل : فهو ازدياد حجم من غير أن ينضم إليه شيء من خارج وهو ضد التكاثف. [التعريفات ص ٦٣ ، ٧٣].