وإن كان الثانى : لزم أن يحرك ما يليه لما يليه ، وهلمّ جرا إلى أن يتصل تحرك الأجسام بكرة الثوابت ؛ وهذا أيضا محال خلاف المشاهد.
الثانية : أن النمو لا / يكون إلا بدخول الخط بين أجزاء الثانى ولا دخول له فى غير الخلاء.
الثالثة : أنا نشاهد الجسم متخلخلا بعد التكاثف ، ومتكاثفا بعد التخلخل من غير زيادة فى أجزائه ، ولا نقص ؛ وليس ذلك إلا بسبب الخلاء ، وتباعد أجزائه ، وانضمامها.
الرابعة : أنا لو فرضنا سطحين مستويين انطبق أحدهما على الآخر بتمامه. ثم فرضنا ارتفاع أحدهما عن الآخر دفعة ؛ فهو ممكن ويلزم من ذلك حصول الخلاء (١) فى وسط ذينك السطحين إلى أن يتصل الملاء من الطرفين إلى الوسط.
وربما احتجوا باستبصارات أخرى منها :
أن الإناء المملوء رمادا يمتنع معه فيه ملوه ماء. وكذلك الدّن المملوء شرابا إذا أخذ ما فيه ، ووضع فى زقّ وسعهما ولو لا الخلاء ؛ لما كان كذلك.
وأما النفاة فقد احتجوا بحجج أيضا :
الأولى : أنه لو تصوّر الخلاء فلو فرض أن متحركا تحرك لقطع مسافة فى الخلاء وبمثل تلك الحركة ؛ لقطع مثل تلك المسافة فى ملاء فإن قطعه لمسافة الخلاء يكون أسرع من قطعه لمسافة الملاء وفى زمان أقل من زمان الملاء ؛ ضرورة المعاوق له فى الملاء وعدمه فى الخلاء.
وعند ذلك : فلو فرض ملاء أرق من الملاء الأول نسبته فى الممانعة إليه كالنسبة الواقعة بين زمن المتحرك فى الخلاء والمتحرك فى الملاء الأول ؛ فيلزم أن يكون قطع المتحرك للمسافة فى الملاء الأرق بمثل الحركتين السابقتين عاملا لقطع المتحرك فى الخلاء ؛ ضرورة التساوى فى النسبة. ومحال أن يتساوى ، ما له معاوق ، بما ليس له معاوق. وهذا المحال : إنما لزم من الخلاء ؛ فلا خلاء.
__________________
(١) عرف الآمدي الخلاء فقال : «وأما الخلاء فعبارة عن بعد قائم لا فى مادة من شأنه أن يملأه الجرم» [المبين للآمدى ص ٩٦].