ووجه اختصاصه به فى الحالة الثانية ، كما فى الكون الثانى والثالث ، فلو أمكن تقدير فرق بين الكون الأول والثانى مع الاتحاد فى ايجاب تخصيص الجوهر بذلك المكان ؛ لأمكن مثله فى الثانى ، والثالث ؛ وهو محال.
وإن قيل : بالتماثل ؛ فيلزم من كون الثانى سكونا. أن يكون الأول سكونا ؛ لأن ما ثبت لأحد المثلين يكون ثابتا للآخر.
ومن لم يسمه مع ذلك سكونا ؛ فلا نزاع معه فى غير التسمية.
وأعلم أن القول بهذا المذهب ، والتمسك بهذا المسلك ، وإن سنده الأئمة من أصحابنا : كالقاضى ، والإمام أبى المعالى ، وغيرهما ؛ ففيه نظر ؛ إذ لقائل أن يقول : وان سلمنا أن الكون الثانى سكون ؛ ولكن لا نسلم أنه يلزم أن يكون الكون الأول سكونا.
وما ذكرتموه من الاشتراك بينهما مما لا يوجب التماثل بينهما ؛ فإنه لا مانع من اشتراك المختلفات ، والمتماثلات فى واحد.
كيف وأن الكون الأول ، هو عين الخروج من المكان الأول ، وهو أيضا حركة بالاتفاق منا ، ومنكم.
والكون الثانى ليس حركة ، ولا هو خروج عن المكان الأول ولو تماثلا ؛ لجاز أن يثبت لكل واحد منهما ، ما يثبت للآخر.
فهذا اشكال مشكل ، ولعل عند غيرى جوابه.
وربما قيل فى إبطال هذا المسلك طرق أخرى ، لا بد من الإشارة إليها ، والتنبيه على جوابها.
الأول : أنهم قالوا : الحركة مضادة للسكون ، كمضادة السواد للبياض فلو جاز أن يكون الكون الأول فى المكان الثانى سكونا مع كونه حركة ؛ لاجتمع المتضادات ، أو لما كانا ضدين. وكل واحد / من الأمرين محال.
والثانى : أنه لو جاز أن يكون الكون الأول سكونا ، فالسهم الدافع الحركة إذا لم يوجد منه فى كل مكان إلا كون واحد. فلو كان كل واحد من الأكوان المفروضة سكونا ، لزم أن يكون السهم فى حالة حركته ساكنا ؛ وهو محال.