لا جائز أن يقال بالأول : حيث أنه لم يتجدد غير انضمام جوهر آخر إليه. والجوهر أو ما قام بالجوهر ، لا يكون مؤثرا فى حكم جوهر آخر ؛ لعدم قيامه به. وحكم الجوهر يمتنع أن يكون مستفادا له من غير ما قام به كما سيأتى.
وسواء كان مباينا له ، أو غير مباين. ولا سيما على أصله حيث أنه ذهب إلى أن حكم العلم لا يتعدى إلى الجملة التى محل العلم منها ، وأن البنية المخصوصة ليست شرطا لقيام العرض بمحله.
ولو جاز أن يكون الجوهر ، أو ما قام به مؤثرا فى حكم جوهر آخر ؛ لما امتنع القول باشتراط البنية المخصوصة فى بعض الأعراض ؛ كالإدراكات وغيرها ، كما تقوله المعتزلة
وإن كان الثانى : ففيه تسليم المطلوب. وما يجده من التفرقة بين حالة كون الجوهر مستقرا فى حيّزه ، وحالة / ضم جوهر آخر إليه ؛ فإنه هو عائد إلى اختلاف كونيهما ، وليس فى ذلك ما يدل على عرض زائد على كونهما ، وإلا كان ما نجده من التفرقة بين حالة تباعد أحد الجوهرين ، وقربه من الآخر يوجب كون القرب عرضا زائدا كما فى المماسة ؛ وهو خلاف أصل الشيخ.
وإن سلمنا أن المماسة والمجاورة زائدة على الكون الموجب لتخصيص الجوهر بحيّزه. ولكن ما المانع من كون المماسة عين المجاورة ، كما قاله الاستاذ أبو اسحاق ، وليس ذلك ممتنعا ؛ فإنه لا يمكن تقدير كل واحد منهما دون الآخر ، ولم يدل الدّليل على المغايرة ؛ فاحتمل أن يكون ذلك لاتحاد المعنى.
وبمثل هذا خبرنا إلى أن الأمر بالشيء ، نهى عن أضداده ، وأن النّهي عن الشيء أمر بأحد أضداده.
وإن سلمنا أن المماسة غير المجاورة ؛ ولكن ما المانع أن تكون المجاورة متعدّدة ؛ لتعدد المماسة ؛ فإنه إذا أحاط بالجوهر ستة جواهر ، فكما هو مماس لكل واحد منها ؛ فهو مجاور لكل واحد منها.
وعند ذلك : فلا يخفى أن التفرقة من غير (١١) / / دليل تحكم.
__________________
(١١)/ / أول ل ٢٩ / ب من النسخة ب.