وذهب الأستاذ أبو إسحاق : إلى أن المماسة والتأليف بين / الجواهر [هو نفس (١) المجاورة بينها من غير مغايرة ، وأن المجاورة ، والمماسة القائمة بالجوهر متعددة بتعدد] (١) المجاور المماس له. وأن المباينة ضد المماسة والتأليف حقيقة ؛ إذ هى ضد المجاورة بالاتفاق. والمجاورة هى عين المماسة ، والتأليف على أصله (٢).
وذهب القاضى أبو بكر (٣) : إلى أن الجوهر إذا اختص بحيّزه ، وتتابعت عليه الأكوان فى ذلك الحيّز الواحد ، فهو عند انضمام جوهر آخر إليه على ما كان عليه قبل الانضمام ؛ لم يتغير حكمه ، وصفته. غير أن الكون الموجود له قبل الانضمام ؛ يسمى سكونا ، والكون المتجدد له بعد الانضمام ـ وإن كان مماثلا للكون الأول ـ يسمى اجتماعا ، وتأليفا ، ومجاورة ، ومماسّة.
والكون المتجدد له بعد مفارقة ذلك الجوهر له ؛ يسمى مباينة.
فالكون واحد ، وإن تبدلت التسميات عليه ، والأكوان المختلفة على أصله ليس غير الأكوان الموجبة لاختصاص الجوهر بالأحياز المختلفة.
فهذا ما أوردناه من حكاية المذاهب على سبيل الايجاز والاختصار ، ولا بد من تتبع ما فيها على ما هو المألوف من عادتنا ، والتنبيه على ما هو الأولى فيها.
فنقول : أما معتقد الشيخ أبى الحسن : أن المجاورة زائدة على الكون الموجب لتخصيص الجوهر بحيّزه ، وأن المماسة زائدة على المجاورة.
فلقائل أن يقول : وما المانع أن يكون ما للجوهر من الكون غير مختلف.
وإنما الاختلاف عائد إلى التسميات كما ذكره القاضى أبو بكر ، والّذي يدل على ذلك : أن حالة الجوهر ، وهو مستقر فى حيزه حالة الانفراد إما أن يقال بتغيرها حالة انضمام جوهر آخر إليه ، أو لا يقال بتغيرها.
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) قارن ما أورده الآمدي هنا بما ورد فى الشامل فى أصول الدين للجوينى ص ٤٥٨ ، ٤٥٩ وما بعدهما ..
(٣) انظر الشامل فى أصول الدين ص ٤٥٥ ـ ٤٦٦ فقد نقل رأى القاضى وبقية الأئمة. كما نقل رأى المعتزلة وناقشهم بالتفصيل.