وعلى هذا : فلا بعد فى قول القائل : إن الزمان ، وما يقدره المقدر ويفرضه الفارض من مقارنة موجود لموجود ، وما هو بعينه من العوارض ، وهو ما يعبر عنه بقولهم : كان كذا فى وقت طلوع الشمس ، أو غروبها : أى أنه قارن وجوده لطلوعها ، أو غروبها.
وإن سلمنا أنه موجود ؛ لكن ما المانع أن يكون وجوده فى الأذهان لا فى الأعيان.
قولكم : إن موجودات الأعيان تضاف إليه ؛ بأنها فيه.
قلنا : بمعنى أنه صفة لها ، ومقارن لوجودها ، أو بمعنى أنه طرف لها.
الأول : مسلم ؛ ولكن لا يلزم من مقارنته للموجودات العينية ، ولا من كونه صفة لها أن يكون وجوديا.
فإنه لا امتناع فى مقارنة الموجودات بالصفات العدمية ، واتصافها بها.
والثانى : ممنوع ، ولا يلزم من إضافتها إلى الزمان ؛ نفى أن يكون الزمان طرفا لها ؛ ولهذا فإنه يصح قول القائل : زيد فى الراحة والخصب ، وإن لم يكن ذلك طرفا له.
وإن سلمنا أنه موجود عينى ؛ فلا نسلم أنه مقدار الحركة. وما ذكرتموه من الإمكانات التى بين ابتداء الحركات ، وانتهائها ؛ فلا نسلم أنه أمر وجودى ؛ بل عدمى : فإن حاصله يرجع إلى مكان قطع المسافة بالحركة ؛ والإمكان فوصف عدمى على ما سبق تقريره.
قولهم : إنه يمكن تقدير بعضه ببعض ؛ غير مسلم.
قولهم : إن ما بين ابتداء الحركة السابقة ، وانتهائها من الإمكان أكثر مما بين ابتداء الثانية ، وانتهائها.
ليس كذلك ؛ بل التفاوت بالزيادة والنقصان ، إنما هو عائد إلى المسافة التى يمكن قطعها بالحركة ؛ إن كانت المسافة متفاوتة ، أو إلى سرعة الحركة ، وبطئها ؛ إن كانت المسافة متحدة.
وعلى هذا : فلا نسلم أنه يمكن فرض التفاوت مع قطع النظر عن التفاوت فى المسافة ، والبطء ، والسرعة ؛ ليصح ما ذكروه.