ولهذا فإنا لو ملأنا الإناء ماء مرتين ؛ لم نجد بين الماءين تفاوتا ؛ لما وقع التساوى بينهما فى التخلخل ، والاكتناز ؛ وكذلك لو ملأناه زئبقا مرتين.
قلنا : هذا بيان منكم على إمكان الخلاء ، وهو ممنوع على ما سبق تحقيقه (١) وإن سلمنا إمكان تحقق الخلاء ؛ ولكن ما المانع أن يكون نقصان الماء عن فم الإناء بالجمد ؛ لنقصان بعض أجزائه. إما باعدام الله ـ تعالى ـ لها ، أو بسبب اختطاف الهواء لها.
فإن قيل : لو كان ذلك بسبب نقصان بعض أجزائه ؛ لظهر ذلك فى التفاوت فى الوزن ، وليس كذلك ؛ فإن وزن الماء لا يزيد على وزنه بعد جموده.
قلنا : ولو كان التفاوت بين الأجسام فى الثقل والخفة ، بسبب التخلخل ، والانفراج ، فنحن نعلم أن الإناء المفروض إذا (١١) / / ملأناه زئبقا وملأناه بعد ذلك ماء ، أن ثقل الزئبق يزيد على الماء بأضعاف ربما زادت على عشرين مرة.
ولو كان ذلك لكثرة الأجزاء فى الزئبق ، واكتنازها ، وقلتها فى الماء بسبب الانفراجات التى بينها ؛ للزم أن تكون أجزاء الزئبق أكثر من أجزاء الماء بعشرين ضعفا (٢) وعلى حسب زيادة أجزاء الزئبق تكون زيادة الفرج فى الماء على أجزائه / ؛ ويلزم من ذلك أن تكون الفرج بين أجزاء الماء تزيد على أجزاء الماء بعشرين ضعفا (٢) ، أو أزيد.
ولو كان كذلك ، للزم أن نرى الأحياز التى لا ماء فيها فى الإناء المفروض ملأه ماء أكثر من الأحياز المشغولة بالأجزاء المائية ؛ وهو محال ؛ لكونه خلاف الحس ، والشاهد.
__________________
(١) راجع ما سبق فى الفرع الخامس ـ الفصل الرابع ل ٥٢ / أوما بعدها.
(١١)/ / أول ل ٣٣ / ب من النسخة ب.
(٢) من أول (وعلى حسب زيادة أجزاء الزئبق ... بعشرين ضعفا) ساقط من ب.