وقد أبطلناه أيضا فيما تقدم فى الرد عليهم (١).
وقالت المعتزلة : الجوهر هو المتحيز فى الوجود (٢).
وهو غير مطّرد على مذهب من يرى منهم كون الجوهر جوهرا فى حال عدمه ؛ إذ هو غير متحيز فى الوجود.
وأما عبارات أصحابنا فيه ، وإن كانت مختلفة ؛ فكلها سديدة جامعة مانعة لا يخرج منها شيء من المحدود ، ولا يدخل فيها ما هو خارج عنه.
فمنها قولهم : الجوهر ما يقبل العرض (٣) : أى يكون محلا له.
فإن قيل : هذا يبطل بسرعة الحركة ؛ فإنها قائمة بالحركة ؛ وهى عرض والحركة محل لها. وليست الحركة جوهرا. وكذلك الملاسة ، والخشونة. فإنهما عرضان قائمان بسطح الجسم. والسّطح ليس بجوهر ؛ بل عرض.
قلنا : أما السرعة. فلا نسلم أنها عرض ؛ فإنه لا معنى لسرعة الحركة عندنا غير عدم / تخلل السكنات بين أجزاء الحركة ، والقدم لا يكون عرضا.
وإن سلمنا : أنه عرض ؛ ولكن لا نسلم أن محله الحركة ؛ بل الحركة ، والسرعة عرضان قائمان بمحل الحركة. وهذا يكون الجواب عن البطء أيضا.
وأما الملاسة ، والخشونة : فلا نسلم أنهما عرض ؛ إذ هما عائدتان إلى تضريس الظاهر من الجسم ، وعدم تضريسه.
وإن سلمنا أنهما عرض ؛ فلا نسلم أن السطح الظاهر من الجسم عرض ؛ بل هو عبارة عن الجواهر الظاهرة من الجسم.
وإن سلمنا أن السطح عرض ؛ فلا نسلم قيام الملاسة والخشونة به ؛ بل هما والسطح من عوارض الجسم.
__________________
(١) انظر ما مر فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ النوع الرابع ـ المسألة الثامنة : فى الرد على النصارى. ل ١٥٧ / أوما بعدها. وانظر مقالات الإسلاميين للأشعرى ٢ / ٨. والشامل لإمام الحرمين الجوينى ص ١٤٣.
(٢) انظر مقالات الإسلاميين للإمام الأشعرى ٢ / ٨ وقارن بما ورد فى الشامل فى أصول الدين لإمام الحرمين الجوينى ص ١٤٢ ، ١٤٣. وانظر شرح المواقف للجرجانى ٦ / ٢٨٥ وما بعدها.
(٣) انظر الشامل ص ١٤٢.