الحجة الثانية : أنه قال : ما دل الدليل على استحالة بقائه من أجناس الأعراض : كالأصوات ، وغيرها ، لم يفرق فيه بين ما هو مقدور لنا ، أو غير مقدور لنا ؛ فكذلك فى الاعتمادات.
واحتج أبو هاشم بحجتين أيضا :
الأولى : أنه قال الدليل الدال على بقاء الألوان ، والطعوم ؛ كونها مشاهدة بالاستمرار والاتصال ؛ وهو بعينه متحقق فى الاعتمادات اللازمة.
الثانية : أنه قال : الثقيل إذا اجتلبت فيه اعتمادات علوية ؛ فإنا نعلم / رجوعه هاويا ، ولو لم تكن الاعتمادات السفلية باقية ؛ لما عاد هاويا.
وهذه الحجج وإن كانت مبنية على أصولهم الفاسدة ؛ فلا بد من التنبيه على فسادها.
أما الحجة الأولى للجبائى : فحاصلها يرجع إلى التمثيل بين الاعتماد اللازم والمجتلب من غير دليل.
قوله : إن المجتلب مشارك للازم فى أخص أوصافه ؛ ممنوع.
وما المانع من أن يقال أخص أوصاف اللازم ؛ كونه اعتمادا سفليا لازما وبتقدير المشاركة له فى أخص أوصافه ؛ لا يلزم الاشتراك فى كل صفة ، وإلا لما وقع التمايز بين متماثلين أصلا.
وبتقدير التسليم لذلك ؛ فحاصله يرجع إلى تخطئة الخصم فى أحد قوليه ؛ ضرورة تصويبه فى القول الآخر.
وعند تعذر الجمع ، فليست التخطئة فى أحد القولين ، والتصويب فى القول الآخر ؛ أولى من العكس.
وعلى هذا : فلو قال : أخطأت فى قولى باستحالة بقاء المجتلب ، لخرج الدليل المذكور عن أن يكون صحيحا.
وأما الحجة الثانية : فحاصلها أيضا راجع إلى التمثيل ، والجمع بين صورتين مما ثبت لإحداهما من غير دليل جامع ؛ فلا يقبل.