إذا التفرقة من غير دليل ؛ تحكم لا حاصل له.
فإن قيل : يلزم من حصول الحال بالفاعل محال ؛ وما لزم عنه المحال ؛ فهو محال ؛ وبيان لزوم المحال من وجهين :
الأول : أنه لو أحدث الله ـ تعالى ـ شيئا ، فعند حدوثه : إما أن يكون عالما بحدوثه أو غير عالم بحدوثه.
الثانى : محال وإلا كان البارى تعالى ـ جاهلا بحدوث الحوادث ؛ وهو محال وإن كان عالما بحدوثه : فإما أن يكون عالما بحدوثه قبل وقت حدوثه كما قالت السالمية (١) : أنه ـ تعالى ـ كان عالما فى الأزل بأن العالم موجود قبل وقت وجوده لو لم يكن.
الأول : محال فإنه يلزم من كون الرب ـ تعالى ـ عالما بحدوث ما ليس بحادث أن يكون أيضا جاهلا ؛ لكونه عالما بالشيء على خلاف ما هو عليه.
ويلزم من ذلك أن تكون عالميته بكونه حادثا متجددة ، بتجدد الحدوث.
وعند ذلك : إما أن يقال بحصولها بالفاعل ، أو لا يقال به.
لا جائز أن يقال بالأول : وإلا كانت عالمية الرب ـ تعالى ـ مخلوقة له ؛ وهو محال باتفاق المسلمين.
والثانى : يوجب أن لا تكون الأحوال حاصلة بالفاعل ؛ وهو خلاف الفرض.
أو أن يقال : بحصول بعض الأحوال بالفاعل دون البعض ؛ وهو تحكم لا حاصل له ؛ / وهو أيضا محال.
الوجه الثانى :
فى بيان لزوم المحال : أنه إذا جاز وقوع الأحوال بالفاعل ، أمكن أن يكون كون المتحرك متحركا حاصل بالفاعل ، ولا حاجة إلى الحركة وذلك يجر إلى إبطال القول بالأعراض ، وإبطال الأعراض ؛ يجر إلى إبطال القول بحدوث العالم ؛ وهو محال.
__________________
(١) السالمية : سبق الحديث عن هذه الفرقة فى هامش ل ١٢٣ / أمن الجزء الأول.