ومن قال بعود الصفات النفسية إلى الأحوال اللازمة : كالقاضى (١) أبى بكر ، فقد تردد فى التماثل : هل هو حال زائد على ما للذوات من الأحوال اللازمة من صفات الأجناس ، أم لا؟
فقال تارة : إنه غير زائد عليها ؛ لأنه لو كان زائدا عليها : فإما أن يكون ثابتا للواحد من الذوات بتقدير أن لا يخلق غيره ، أو لا يكون ثابتا له إلا بتقدير خلق غيره من الذوات المشاركة فى الصفات النفسية.
الأول : محال ؛ فإن الشيء لا يماثل نفسه ، وإنما يماثل غيره ، ولا غير.
والثانى : يلزم منه خلو الذات عن الحال الثابت لها من غير معنى ؛ وهو خلاف المتفق عليه.
وقال تارة : إنه لا يمتنع كونه زائدا عليها ، ويكون ثابتا لكل واحد من آحاد الذوات بتقدير انفراده.
وإن لم يتم تماثلها إلا بتقدير وجود ما يشاركه فى صفاته النفسية [فإنا وإن أعدنا التماثل إلى الصفات النفسية (٢)] ؛ فلا بد من تقرير هذا المعنى فيه.
فإن ما ليس من الصفات النفسية لا يختلف ، كان ذلك مفردا ، أو مع غيره ، ومع ذلك فإنه لا يطلق عليه التماثل بتقدير انفراده بالنظر إلى ما له من الصفات النفسية ؛ دون وجود ما يشاركه فيها.
وإذا أمكن ذلك بتقدير عود التماثل إلى الصفات النفسية ؛ أمكن مثله بتقدير أن يكون التماثل زائدا عليها.
وعلى هذا قال : إن أعدنا التماثل إلى صفات الأجناس امتنع تعليله ؛ لأن صفات الأجناس : ككون الجوهر جوهرا والسواد سواد ، غير معلل بالاتفاق ؛ وعلى ما سيأتى تحقيقه فيما بعد (٣). وإن أعدنا التماثل إلى أمر زائد ، على صفات الأجناس ، ففى تعليله تردد هذا :
__________________
(١) انظر الشامل فى أصول الدين لإمام الحرمين الجوينى ص ٢٩٣.
(٢) ساقط من (أ).
(٣) انظر ما سيأتى فى الباب الثالث ـ الأصل الثانى ـ الفصل الثامن ـ فيما يعلل وما يعلل ل ١٢٥ / ب وما بعدها.