الأول : أن لقائل أن يقول : المثلان ضدان على أصولكم وعند ذلك فلا مانع أن يقال : بتضاد السوادين المفروضين من جهة [ما تماثلا فيه لا من جهة (١)] ما اختلفا فيه.
وعلى هذا : فلا يلزم التضاد بينهما فى كل ما وقع به الاختلاف بينهما.
الثانى : وإن سلم الاختلاف بينهما من غير تضاد ؛ ولكن ما المانع منه؟
والقول : بأنه يفضى ذلك إلى أن يكون البياض مضادا له من حيث هو سواد ؛ ولا يكون مضادا له من حيث هو حلاوة ؛ فليس يمتنع ، وأنه إذا لم يمتنع عدم مضادة البياض للسواد من حيث هو عرض ، وحادث ، وموجود.
وإن كان مضادا له من حيث هو سواد ؛ فلا يمتنع أن يكون البياض مضادا للسواد من حيث هو سواد / ؛ ولا يكون مضادا له من حيث هو حلاوة.
المسلك الثالث : أنه لو جاز أن يكون السواد حلاوة ؛ لأمكن أن يكون أيضا علما ، وقدرة وإرادة ، وأن يجتمع فى العرض الواحد خصائص جميع الأعراض المختلفة مع اتحاده ؛ وهو ممتنع لثلاثة أوجه :
الأول : أن ما قام به من المحل يجب أن يكون عالما قادرا أسود ، وفيه تعليل الأحكام المختلفة بعلة واحدة (٢).
ولو جاز ذلك ؛ لجاز أن يكون العلم موجبا للقادرية ، والمريدية ، وهو ممتنع.
الثانى : أنا إذا علمنا كون المحل أسود ، ثم علمنا كونه عالما ، وقادرا ، ومريدا فإنه يدل على أمر زائد على ما دل عليه ما علمناه منه أولا من كونه أسود ؛ وذلك معلوم بالضرورة.
فلو جاز أن يكون السواد هو العلم ، والقدرة ؛ لبطلت دلالة ما علمناه من كونه عالما وقادرا على أمر زائد على ما دل عليه كونه أسود ؛ ويلزم منه نفى الأعراض ، وإبطال طريق التوصل إليها من أحكامها.
__________________
(١) ساقط من (أ).
(٢) انظر ما سيأتى فى الباب الثالث ـ الأصل الثانى ـ الفصل السادس : فى أن العلة الواحدة هل توجب حكمين مختلفين أم لا؟ ل ١٢٣ / أ.