وكل كلام في تفاصيل الأعراض ؛ إذا جر إلى نفى أصل الأعراض ؛ كان متناقضا (١).
الثالث : أنه يلزم من ذلك امتناع التمييز بين الأعراض وما جر إلى نفى ما هو معلوم بالضرورة ؛ فهو (١١) / / محال ؛ وهو ضعيف أيضا.
إذ لقائل أن يقول :
أما الأول : فإنما يلزم أن لو لم يكن للعرض الواحد أحوال متعددة موجبة لتلك الأحكام المختلفة ، وليس كذلك على ما هو أصل الخصم هاهنا.
وأما الثانى : فإنّا وإن سلمنا دلالة العالم على أمر زائد على ما دل عليه الأسود ؛ لكن من جهة أن العالم يدل على عرض أخص وصفه كونه عالما ، والأسود يدل على عرض أخص وصفه كونه سوادا ، وكونه عالما وكونه سوادا ، أحوال زائدة على نفس العرض المتصف بها ؛ وليس فيما ذكرتموه دلالة على امتناع اتحاد العرض مع اتصافه بهاتين الحالتين ؛ وهو محل النزاع.
وعلى هذا : فلا مانع من كون العرض الواحد سوادا حلاوة وبما قررناه هاهنا يكون دفع الثالث أيضا من حيث أن التمييز حاصل بالنظر إلى تمييز الأحوال ؛ وإن اتحد العرض المتصف بها.
وإن سلمنا دلالة ما ذكرتموه على المطلوب ، غير أنه يلزم عليكم إشكال مشكل وذلك أن أخص وصف الحياة فى حقنا ، كونها حياة ، وأخص وصف الحياة فى حق القديم ؛ كونها حياة ، والحياتان مشتركتان فى هذه الصفة الخاصة ، وهما مختلفتان.
وعلى هذا : فالواجب إنما هو سلوك مسلك القائلين بنفى الأحوال على ما تقرر قبل (٢).
__________________
(١) راجع ما مر فى الأصل الثانى : فى الأعراض وأحكامها ـ الفرع الأول : فى إثبات الأعراض ل ٣٩ / ب.
(١١)/ / أول ل ٤٠ / ب من النسخة ب.
(٢) راجع ما مر فى أول الفصل أول ل ٧٧ / أ.