ولا بالتحيز ـ إذ هى غير غير متحيزة وربما زيد فى الترديد الزمان ، ولا حاجة إليه وعلى هذا : / فالغيران أعم من المثلين ، والخلافين ، متضادين أو غير متضادين.
فإن قيل : ما ذكرتموه منقوض ، ومعارض.
أما النقض : فمن ثلاثة أوجه :
الأول : النقض على أصلكم بالقدرة الحادثة مع مقدورها ، فإنهما غيران ، وليس أحدهما مفارقا للآخر لا فى العدم ؛ لضرورة وجوب اقترانهما ، ولا فى الوجود فى الحيز ؛ لعدم تحيزهما ؛ إذ هما عرضان.
الثانى : أنه ينتقض بالأعراض المتلازمة : كالأبوة ، والبنوة ، والعلية ، والمعلولية وكذلك أجناس الأعراض التى لا خلو للجوهر عنها ؛ فإنها متغايرة فإن لم تصح مفارقة بعضها لبعض لا فى العدم ، لتلازمهما ، ولا فى الحيز ؛ لعدم تحيزهما.
الثالث : أنه إذا اعتبر فى الغيرية جواز المفارقة بالعدم ، أو الحيز فيلزم أن لا يكون البارى ـ تعالى ـ مغايرا للحوادث.
وإن كانت الحوادث مغايرة له ؛ لاستحالة مفارقته لها بالعدم ضرورة وجوب وجوده وقدمه ولا بالحيز لاستحالة تحيزه.
وأما المعارضة ؛ فبحدود أخرى اختلفت فيها عبارات المعتزلة : منها : أن الغيرين هما الشيئان.
ومنها : أنهما الشيئان اللذان يجوز العمل بأحدهما ، مع الجهل بالآخر.
ومنها : الغيران ما صحت فيه عبارة التثنية (١).
ومنها : أنهما اللذان ، واللتان قامت بهما الغيرية ؛ وليس ما ذكرتموه أولى مما ذكرناه.
والجواب عن النقض الأول : أن ما قدر مقدورا بالقدرة الحادثة ؛ لا يمتنع عندنا فرض وقوعه ، لا مقدورا بها ؛ بل بغيرها مع عدمها ، وغيره مقدورا بها مع عدمه.
__________________
(١) هذا القول لأبى هاشم الجبائى ، قال الجوينى فى الشامل ص ٣٣٣ «وقال أبو هاشم فى بعض مقالاته : الغيران : كل ما صحت فيه عبارة التثنية».