الإشكال الأول : قولكم إن القصد لا يتعلق بالمقصود فى حالة دوامة ، ليس كذلك ، فإن كل أحد يجد من نفسه وجدانا ضروريا أنه يريد دوام الشيء وبقائه على وجوده ولا معنى لبقائه غير حصوله فى الزمن الثانى ، وليس ذلك زائدا على نفس الباقى ، وإلا لكان ذلك الزائد حاصلا فى ذلك الزمان ، والكلام فى حصوله كالكلام فى الأول ؛ وهو تسلسل ممتنع.
فثبت أن القصد قد تعلق بالشيء حال بقائه.
وقولكم : بأن الاحتياج إلى المؤثر لا يكون فى حال بقائه ينتقض بالعلة ، والمعلول : كالعلم مع العالمية ، وبالشرط مع المشروط ؛ كالحياة مع العلم ، ونحوه.
وإن سلمنا دلالة ما ذكرتموه : غير أنه معارض بما يدل على أن الاحتياج إلى المؤثر لا يشترط فيه أن يكون فى حالة العدم أو الحدوث.
وبيانه من وجوه :
الأول : أن الحادث حال بقائه إما أن يكون واجبا لذاته ، أو ممكنا.
لا جائز أن يكون واجبا : وإلا لما تصور عليه العدم.
فلم يبق إلا أن يكون ممكنا : والممكن لا بد له من مؤثر ؛ فالشيء حالة بقائه يفتقر إلى المؤثر.
الثانى : أن عدم الشيء ينافى وجوده ؛ وما يكون منافيا لوجود الشيء ؛ لا يكون شرطا فى احتياج ذلك لشيء إلى (١١) / / المؤثر ولا يكون الفعل فعلا ، ولا الفاعل فاعلا.
الثالث : أنه لا معنى للحدوث غير كون وجود الشيء مسبوقا بالعدم ، [وكونه مسبوقا بالعدم] (١) صفة له. وصفة الشيء مفتقرة إلى ذلك الشيء ومتأخرة إما بالذات ، أو الوجود ، ووجود ذلك الشيء مفتقر إلى تأثير المؤثر فيه ؛ فتأثير المؤثر فيه يكون متقدما عليه ، وتأثير المؤثر فيه يتوقف على احتياج ذلك الأثر / إليه فلو افتقر احتياج الأثر إلى المؤثر إلى كونه مسبوقا بالعدم ، لكان المتقدم على الشيء بمرات ؛ متأخرا عنه بمرات ؛ وهو محال.
__________________
(١١)/ / أول ل ٤٦ / ب من النسخة ب.
(١) ساقط من (أ).