حد واحد : كالكرى ، أو حدود : كالمضلّع وهو المعنى بالشكل وأن يكون فى حيز بحيث يمكن أن يشار إليه : بأنه هاهنا ، أو هاهنا ؛ وهذا كله معلوم بالضرورة ، وكل ما له شكل ، ومقدار ، وحيز معين ؛ فلا بد له من مخصص يخصصه به.
وبرهانه : أنه ما من جسم إلا ويعلم بالضرورة ، أنه يجوز أن يكون على مقدار أكبر ، أو أصغر مما هو عليه ، أو شكل غير شكله ، وحيز غير حيزه. إما متيامنا عنه ، أو متياسرا.
فإذا كان كذلك : فلا بد / له من مخصص يخصصه بما تخصص به وإلا كان أحد الجائزين واقعا من غير مخصص ، وهو محال.
الطريق الثانى : أن جواهر العالم : إما أن تكون مجتمعة ، أو مفترقة ، أو مجتمعة ومفترقة معا ؛ أو لا مجتمعة ولا مفترقة ، أو البعض مجتمعا ، والبعض مفترقا.
لا جائز أن يقال بالاجتماع ، والافتراق معا ، ولا أنها غير مجتمعة ، ولا مفترقة معا ؛ إذ هو ظاهر الإحالة ؛ فلم يبق إلا أحد الأقسام الأخرى.
وأى قسم قدر منها ، أمكن فى العقل فرض الأجسام على خلافه ؛ فيكون ذلك جائزا لها ولا بد لها من مخصص يخصصها (١١) // ؛ لما تقدم فى الطريق الأول.
وأما بيان المقدمة الثانية : وهى أن كل مفتقر إلى المخصص محدث ؛ فهو أن المخصص لا بد وأن يكون فاعلا مختارا ، وأن يكون ما يخصصه حادثا ؛ لما سبق فى المسلك الأول :
وإذا ثبت أن أجزاء العالم من الجواهر ، والأجسام لا تخلوا عن الحادث ؛ فتكون حادثة ، وإذا كانت أجزاء العالم من الجواهر ، والأجسام حادثة ، فالأعراض كلها حادثة ؛ ضرورة عدم قيامها بغير الجواهر ، والأجسام ، والعالم لا يخرج عن الجواهر والأعراض ؛ فيكون حادثا ؛ وهو ضعيف أيضا.
إذ لقائل أن يقول : المقدمة الأولى : وإن كانت مسلمة غير أن المقدمة الثانية : وهى أن كل مفتقر إلى المخصص محدث ممنوعة وما ذكر فى تقريرها باطل ؛ بما سبق فى المسلك الأول.
__________________
(١١)/ / أول ل ٤٧ / ب.