(١) وفيه وفى تقريره نظر ؛ وذلك أن لقائل. أن يقول : إما أن تكون الحركة : عبارة عن الحصول فى الحيز بعد الحصول فى حيز آخر والسكون : عبارة عن الحصول فى الحيز بعد أن كان فى ذلك الحيز ، أو لا تكون كذلك.
فإن كان الأول : فقد بطل الحصر بالجسم فى أول زمان حدوثه ، فإنه ليس متحركا ؛ لعدم حصوله فى الحيز بعد أن كان فى حيز آخر.
وليس ساكنا : لعدم حصوله فى الحيز بعد أن كان فيه. وإن كان الثانى : فقد بطل ما ذكره فى تقرير كون السكون أمرا وجوديا ؛ ولا مخلص عنه.
فإن قيل : الكلام إنما هو فى الجسم في الزمن الثانى. والجسم فى الزمن الثانى ، ليس يخلوا عن الحركة ، أو السكون بالتفسير المذكور ، فهو ظاهر الإحالة.
فإنه إذا كان الكلام فى الجسم : إنما هو فى الزمن الثانى من وجود الجسم.
فالزمن الثانى : ليس هو حالة الأزلية.
وعند ذلك : فلا يلزم أن يكون الجسم أزليا لا يخلوا عن الحركة ، أو السكون.
وإن سلمنا الحصر :
فلم قلتم : بامتناع كون الحركة أزلية؟
وما ذكروه من الوجه الأول فى الدلالة ؛ فإنما يلزم أن لو قيل : بأن الحركة الواحدة بالشخص أزلية ، وليس كذلك.
بل المعنى بكون الحركة أزلية أن أعداد أشخاصها المتعاقبة لا أول لها.
وعند ذلك : فلا منافاة بين كون كل واحدة من آحاد الحركات المشخصة حادثة ومسبوقة بالغير ، وبين كون جملة آحادها أزلية : بمعنى أنها متعاقبة إلى غير النهاية.
وما ذكروه فى الوجه الثانى : فباطل أيضا.
فإن كل واحدة من الحركات الدورية ، وإن كانت مسبوقة بعدم لا بداية له.
__________________
(١) نقل ابن تيمية رأى الآمدي في كتابه (درء تعارض العقل والنقل ٣ / ٣٢ ـ ٣٤) من أول قول الآمدي ردا على مسلك الرازى «وفيه وفى تقريره نظر ... وفيه دقة فليتأمل» ثم علق على كلام الآمدي قائلا : قلت .. الخ.