فمعنى اجتماع بداية الأعدام السابقة على كل واحدة واحدة من الحركات فى الأزل ، أنه لا أول لتلك الأعدام ولا بداية.
ومع ذلك فالعدم / السابق على كل حركة ، وإن كان لا بداية له ؛ فيقارنه وجود حركات قبل الحركة المفروضة ، لا نهاية لها على جهة التعاقب ، وليس فيه مقارنة السابق للمسبوق.
وعلى هذا : يكون الكلام فى العدم السابق على كل حركة حركة.
وعلى هذا : فحصول شيء من الوجودات الأزلية ، مع هذه الأعدام أزلا على هذا النحو ؛ لا يكون ممتعا ، إذ ليس فيه مقارنة السابق للمسبوق ، على ما عرف ، وفيه دقة ؛ فليتأمل (١).
وأما الوجوه الأخرى : فقد عرفت ما فيها فيما تقدم فى إثبات واجب الوجود (٢).
وربما قيل فى إبطال القول : بامتناع وجود الحركة أزلا هو أن الحركة : لو امتنع وجودها أزلا :
فإما أن يكون ذلك الامتناع لذاتها ، أو لأمر خارج.
فإن كان الأول : لزم أن لا يزول ذلك الامتناع ، وأن لا توجد الحركة أصلا ؛ لأن ما بالذات لا يزول ؛ وهو محال.
وإن كان الثانى : فذلك الخارج : إما أن يكون واجبا لذاته ، أو لا يكون واجبا لذاته.
فإن كان واجبا لذاته : وجب أن لا يزول أيضا ، وأن لا يزول امتناع وجود الحركة.
وإن كان الثانى : فلا بد وأن ينتهى إلى واجب الوجود لذاته قطعا للتسلسل ، ويلزم من دوامه ، دوام معلوله ، وهلم جرا. ويلزم من ذلك امتناع وجود الحركة أبدا ؛ وهو محال.
وهذه المحالات : إنما لزمت من القول بالامتناع ؛ فلا امتناع للحركة أزلا.
__________________
(١) إلى هنا انتهى ما نقله ابن تيمية عن الآمدي ويمثل فى كتاب (درء تعارض العقل والنقل من ج ٤ ص ٣٢ ـ ٣٤). ثم علق عليه وناقشه بالتفصيل فى ص ٣٤ وما بعدها.
(٢) راجع ما تقدم فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع الأول : فى إثبات واجب الوجود ل ٤١ / أوما بعدها.