المسلك الثانى : أن الجوهر لو كان متركبا من الأعراض لما قامت الأعراض بالجوهر ، والأعراض قائمة بالجوهر.
أما بيان المقدمة الأولى : فلأنه لو قامت الأعراض بالجوهر ؛ لكانت قائمة بالعرض ؛ وهو محال لما يأتى (١).
وأما بيان المقدمة الثانية : فلأن الاتفاق منّا ، ومن الخصم واقع على أن الجوهر يصح اتصافه بالحياة ، والعلم ، والقدرة ، وغير ذلك من الأعراض.
فإن قيل : ما ذكرتموه وإن دل على امتناع تركيب الجوهر من الأعراض ؛ فهو معارض بما يدل على نقيضه.
وبيانه : هو أنا لو قدرنا انتفاء الجوهر ؛ امتنع معه تقدير العرض ، ولو قدّرنا انتفاء الأعراض ؛ امتنع معها تقدير الجوهر ؛ وذلك دليل الاتحاد.
قلنا : ما ذكرتموه غايته أنه يدل على التلازم بين الجوهر ، وأجناس الأعراض ؛ وليس فيه ما يدل على الاتحاد.
ثم ما ذكروه منتقض عليهم بالجنس الواحد من الأعراض : كالكون مثلا ؛ فإنه ملازم للجوهر. بحيث لا انفكاك لأحدهما عن الآخر ؛ ولا يدل ذلك على أن الكون هو الجوهر ، والجوهر هو الكون.
__________________
(١) انظر ما سيأتى ل ٤٢ / ب وما بعدها.