قولكم : لأن الاجتماع إنما يكون بين متحيزين ، ليس بينهما تقدير حيز آخر ، ممنوع. ولا يلزم من كون ما ذكروه اجتماعا أن لا يكون الاجتماع إلا هكذا. فإن الأعراض المختلفة القائمة بالجوهر الفرد عند هذا القائل مجتمعة ، وليس الاجتماع بينهما على ما قيل ؛ إذ هى غير متحيزة.
المسلك الرابع : قالوا : الجوهر الفرد متحيز بالاتفاق ؛ فلو كان مركبا من الأعراض. فكل واحد منها عند الاجتماع : إما أن يكون متحيّزا ، أو لا يكون متحيّزا.
فإن كان الأول : فكل واحد جوهر ، ويلزم منه أن يكون الجوهر الفرد مركّبا من جواهر ، وخرج عن كونه فردا ؛ وهو خلاف الفرض.
وإن كان الثانى : فضم ما لا يتحيز ، الى ما لا يتحيز ؛ لا يكون موجبا للتحيز ؛ وهو أيضا مدخول ؛ لما أسلفناه فى المسلك / الأول (١).
والمعتمد فى المسألة مسلكان :
الأول : أنه لو كان الجوهر مركبا من الأعراض ؛ فتلك الأعراض : إما أن تكون مفتقرة إلى محل تقوم به ، أو لا تكون كذلك.
فإن كان الأول : فذلك المحلّ : إما أن يكون جوهرا ، أو عرضا. فإن [كان جوهرا : كان] (٢) أيضا متركبا من الأعراض. فالكلام فى تلك الأعراض كالكلام فى الأول ؛ وهو تسلسل ممتنع.
وإن لم يكن متركبا من الأعراض ؛ فهو المطلوب.
وإن كان ذلك المحل عرضا : فالكلام فيه كالكلام فى الأول ؛ وهو تسلسل ممتنع.
كيف وأن ذلك يفضى إلى قيام العرض بالعرض ، وهو ممتنع على ما يأتى (٣).
وإن كان الثانى : وهو أن لا تكون مفتقرة إلى محل تقوم به ؛ فهى جواهر أسماها الخصم أعراضا. فإنا لا نعنى بالجوهر غير الموجود الممكن القائم بنفسه.
وهذه الطريقة الرشيقة مما لم أجدها لأحد غيرى.
__________________
(١) راجع ما سبق فى المسلك الأول ل ٤ / أوما بعدها.
(٢) ساقط من (أ).
(٣) راجع ما سيأتى فى الأصل الثانى : الفرع الثالث : فى استحالة قيام العرض بالعرض ل ٤٢ / ب وما بعدها.