فلا يخلوا : إما أن تكون صالحة لتخصيص حدوثه بغير ذلك الوقت ، أو لا تكون صالحة لغيره.
فإن كان الأول : فنسبتها إلى جميع الأوقات نسبة واحدة. وعند ذلك : فتخصيص البعض دون البعض : إما أن يتوقف على مرجح ، أو لا يتوقف عليه.
فإن توقف على المرجح : فالكلام فى ذلك المرجح : كالكلام فى الأول ؛ وهو تسلسل ممتنع.
وإن لم يتوقف على المرجح : لزم منه ترجيح أحد الجائزين دون مرجح ؛ وهو محال كما تقدم (١).
وإن كان الثانى : وهو أنها غير صالحة للتخصيص إلا بذلك الوقت المفروض ؛ فيلزمه محالان :
الأول : أن الكلام مفروض فيما إذا كان المخصص قديما ؛ وهو غير متوقف على تجدد أمر لم يكن.
وإذا قيل : بأن تخصيص الإرادة للحدوث لا يتم دون ذلك الوقت المعين ؛ فذلك الوقت متجدد ؛ وهو خلاف الفرض. كيف : وأن الكلام فى تجدد ذلك الوقت : كالكلام فيما هو متوقف عليه ؛ وهو تسلسل ممتنع.
المحال الثانى : أنه يلزم منه خروج المخصص ، عن كونه فاعلا مختارا ؛ ضرورة انحصار وقت الحدوث فى حقه ؛ فهو خلاف الفرض أيضا.
وأيضا : فإنه : إما أن لا يكون تعلق إرادة الله ـ تعالى ـ بحدوث العالم مشروطا بوقت معين ، أو يكون مشروطا به. فإن كان الأول : فالبارى ـ تعالى ـ يكون مريدا لحدوث العالم ؛ غير مشروط بوقت.
[والإرادة (٢)] أزلية : فيلزم وجود المراد أزلا.
وإن كان الثانى : فإن كان ذلك الوقت أزليا ؛ لزم أزلية وجود العالم. وإن كان حادثا :
__________________
(١) راجع ما مر فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ل ٤١ / أوما بعدها.
(٢) ساقط من (أ).