لها. وإنما يمتنع كون الجواهر مختلفة ، وأن هذه أعراض عامة لها أن لو كانت هذه الصفات من صفات نفس الجوهر ؛ وهو دور ممتنع.
واعلم أن طرق أهل الحق فى إثبات المجانسة ، وإن اختلفت / / عباراتها ؛ فكلها آيلة إلى ما ذكر.
وما قيل عليه من الإشكال ؛ فلازم لا مخلص منه إلا بأن يقال : نحن لا نعنى بتجانس الجواهر غير كونها مشتركة فيما ذكرناه من الصفات.
وعند ذلك : فحاصل النزاع يرجع إلى التسمية ، لا إلى نفس المعنى (١)
وأما أن الجواهر غير متجددة : فلأنا نعلم بالاضطرار أن ما شاهدناه بالأمس من الجبال الراسية ، والسماوات ، والأرض ؛ هو عين ما نشاهده اليوم. وكذلك نعلم أيضا بالاضطرار أن من فاتحنا فى كلام هو عين من ختام الكلام معه ، وأن عين زوجة الإنسان بالأمس وأولاده وأمواله ومعارفه [هى عين زوجته وأولاده] (٢) وأمواله ، ومعارفه اليوم ، وغدا.
وأيضا : فإنه لو كانت الجواهر متجددة ، لما مات حي ، ولما أحيى ميت ؛ لأن من مات غير الّذي أحيى ، والّذي أحيى ؛ غير الّذي مات ؛ وذلك كله مكابرة للعقل ، ومباهتة للضرورة.
وذهب النظام ، والنجار بناء على أصلهما فى أن الجواهر مركبة من الأعراض ، وأن الأعراض متجددة [إلى أن الجواهر متجددة (٣)] وقد بينا بطلان أصلهما فى ذلك بما سبق (٤) ، وما يلزم عنه من المحالات.
فإن قيل : فكما / لا نشك فى أن ما نراه من الأجسام ، والجواهر بالأمس هى عين ما نشاهده اليوم ، وكذلك لا نشك فى أن ما نشاهده من الأكوان فى بعض الأجسام من ساعة ؛ هو عين ما نشاهده الآن ، ومع ذلك قلتم بأن الأكوان ، وجميع الأعراض متجددة.
__________________
(١) إلى هنا انتهى ما نقله ابن تيمية فى كتابه (درء تعارض العقل والنقل ٤ / ١٧٦ ـ ١٧٩) ثم علق عليه وناقشه فى ص ١٧٩ ـ ١٨٢.
/ / أول ل ٦ / أ.
(٢) ساقط من أ.
(٣) ساقط من أ.
(٤) راجع ما سبق فى الفصل الثالث ل ٤ / أوما بعدها.