الأول : أنها لو كانت متكثرة : فإما أن تكون متمايزة ، أو غير متمايزة ، ولا جائز أن يقال : إنها لا تكون متمايزة ؛ وإلا لما وقع الفرق بين الواحد والكثير.
وإن كانت متمايزة : / فلا بد من أمر يقع به التمايز بينهما ؛ وهو إما أن يكون من لوازم الذوات ، أو غير لازم.
فإن كان الأول : فلا امتياز ؛ لأن ما كان لازما للذات ؛ يجب أن يكون لازما لكل فرد منها ؛ ضرورة تحقق ملزومه.
وإن كان الثانى : استدعى مخصصا يخصص كل واحد من الأفراد بما يتميز به عن غيره
ولا يتصور أن يخصصه المخصص بذلك المميز دون تميزه فى نفسه فلو توقف تميزه على ذلك الوصف ؛ لكان دورا ممتنعا.
ولأنه يلزم أن تكون الذات المعدومة موردا لتعاقب الصفات عليها ؛ وهو محال ؛ لما تقدم (١).
الوجه الثانى : فى بيان امتناع التكثر
أنها لو كانت الذوات متكثرة فى حالة العدم لم يخل : إما أن تكون متناهية ، أو غير متناهية.
لا جائز أن يقال بالأول : ضرورة الاتفاق على أن الجائزات غير متناهية.
وعند ذلك : فليس القول بثبوت بعضها ، دون بعض ؛ أولى من العكس. وإذا كانت غير متناهية : فعددها قبل خروج شيء منها إلى الوجود يكون أكثر مما بقى منها بعد ما خرج منها إلى الوجود ؛ وإلا كان الشيء مع غيره : كهو لا مع غيره ؛ وهو محال.
وما خرج منها إلى الوجود ؛ فمتناه ؛ فالتفاوت بين الجملتين المعدومتين بأمر متناه ؛ فكل واحد من الجملتين متناهية ؛ على ما سبق تقريره فى إثبات واجب الوجود (٢).
ولقائل أن يقول : ما المانع من أن تكون متحدة فى حالة العدم ، والقول : بأن ذلك إما أن يكون ذلك لازما للذات ، أو غير لازم لها.
__________________
(١) راجع ما سبق ل ١٠٧ / أوما بعدها.
(٢) راجع ما سبق فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع الأول : فى إثبات واجب الوجود ل ٤١ / أوما بعدها.