فإن كان ما نراه أسود ؛ هو غير ما نراه أبيض ؛ فهو محال ظاهر الإحالة. وإن كان ما نراه أسود ، غير ما نراه أبيض ؛ فلا تداخل ؛ بل كل واحد بحيث نفسه.
وإن كان الثانى : وهو رؤية أحدهما دون الثانى ؛ فليس أحدهما أولى من الآخر.
وإن كان الثالث : وهو أنا لا نرى واحدا منهما ؛ فهو أيضا محال ؛ وذلك لأن اللون القائم بكل واحد منهما من السواد ، أو البياض لا ينافيه / اللون القائم بالآخر ؛ ضرورة تعدد محلها. ومع تعدد المحل ؛ فلا منافاة بين البياض [القائم بأحدهما] (١) ، والسواد القائم بالآخر.
ومع القول بالاثنينية ، وبقاء لون كل واحد بحاله ؛ فالقول بعدم الرؤية محال.
وأيضا : فإنه لو قيل له : إذا جوزت مداخلة جملة لأخرى ؛ فإما أن تجوز مداخلة غيرها ، وغيرها ، أو لا تجوز ذلك.
فإن قال بنفى جواز مداخلة جملة أخرى ؛ لم يجد إلى الفرق سبيلا. وإن قال بجواز المداخلة ؛ فيلزمه جواز مداخلة كثرة العالم للخردلة الواحدة ، ويلزم على سياق ذلك أن تكون الخردلة المفروضة فيها وجود عوالم متعددة ، غير هذا العالم ، وكما يمكن ذلك ؛ فيمكن أن ينفصل عنها وجود عوالم متعددة ، مع بقائها على هيئتها ؛ وذلك كله جحد للضرورة ، ومكابرة للعقل ، وهو مما لا يرى لنفسه ، وليس امتناع التداخل بين الجواهر معللا بتحيزها ، كما قالت المعتزلة ، وإلا لما امتنع التداخل بين الأعراض ؛ لعدم تحيزها ؛ بل امتناع التداخل لذاته ؛ لا لعلة.
__________________
(١) ساقط من أ.