وإن كان الثانى : فمع أنه على خلاف المألوف من الشرط مع المشروطات ؛ فلا يخفى أن العلم بمقارنة ذلك الشرط ؛ لقيام العلم بالمحل ؛ غير لازم.
ولهذا : فإنه يمكن فرض [قيام العلم بالمحل مع (١) فرض] الجهل بكل ما ندعى من شروط التأثير.
وعند ذلك : فبتقدير الجهل بوجود ذلك الشرط ، مع تقدير وجود العلم فى المحل.
إما أن يقال : بأنه يوجب كون المحل عالما ، أو لا يوجب.
لا جائز أن يقال بالثانى : إذ هو محال ؛ لما تقرر قبل.
وإن كان الأول : فلا يخفى أن ما يجب اعتقاد ثبوت الحكم مع الجهل بوجود ذاته ؛ لا يكون شرطا ، وعليك بتفهم هذه الدلالة ، والتقرير وأن لا يستقل بغيرها مما قيل.
فإن قيل : اقتضاء العلم لكون المحل / عالما : إما أن يتوقف على هذه الأمور ، أو لا يتوقف على ذلك.
لا جائز أن يقال : بأنه لا يتوقف على هذه الأمور ؛ وإلا كان المحل عالما مع عدم قيام العلم به ، ولم يقولوا به. ومع أنه ليس بحى ؛ وهو محال.
وإن توقف فقد اعترفتم بالشرط ، وبطل ما ذكرتموه من الدلالة.
قلنا : هذه الأمور إنما هى شروط فى وجود العلم الّذي هو علة كون العالم عالما ؛ لا أنها شروط فى اقتضائه وايجابه للعالمية ، وفرق بين شرط وجود العلة ، وشرط اقتضائها بعد وجودها ؛ فلا مناقضة.
وهذه الدلالة غير مستمرة على أصول البصريين من المعتزلة ؛ حيث أنهم قضوا بثبوت العلم فى العدم ، غير موجب للعالمية إلا بعد وجوده ، وقيامه بالمحل ؛ وهما زائدان على ذاته ؛ ولا معنى للاشتراط إلا هذا.
وهو مناقض لما وافقوا عليه من عدم الاشتراط
هذا إن قالوا : إن ذات العلم هى الموجبة.
وإن قالوا : إن وجود العلم فى المحل ، هو العلة الموجبة ؛ فلا مناقضة أصلا ، ولا وجه لاطلاق المناقضة على أصولهم ؛ كما ذهب إليه الأصحاب.
__________________
(١) ساقط من «أ».