أن عالميته ـ تعالى ـ بجميع المعلومات ، معللة بعلة واحدة مع الاختلاف. وزعم أن كونه ـ تعالى عالما وقادرا ، ومريدا إلى غير ذلك من الأحكام المختلفة ، ممّا لا دلالة للعقل على كون العلة الموجبة لها يجب أن تكون واحدة ، أو لا يجب. لو لا دليل السمع ؛ وهو انعقاد الإجماع على عدم الاجتزاء فيها بعلة واحدة ، وصفة واحدة.
ونقل عن الأستاذ أبى سهل الصعلوكى (١) من أصحابنا
أنه قال : لله ـ تعالى ـ علوم لا نهاية لها ؛ بمعلومات لا نهاية لها.
وعلى هذا : فلا تكون عالميّات الرب ـ تعالى ـ معلله بعلة واحدة ؛ بل بعلل غير متناهية ؛ والجوابان ضعيفان :
أما جواب القاضى : فلأنه إذا اعترف بأن كون الرب ـ تعالى ـ عالما بسواد المحل المعين ؛ مخالف ؛ لكونه عالما ببياضه ؛ مع تعذر الجمع بينهما ؛ فقد التزم نقيض ما قررناه من الدلالة العقلية ؛ ولا سبيل إليه.
وقوله : إنه لا دلالة للعقل على امتناع تعليل العالمية ، والقادرية بعلة واحدة ؛ ليس كذلك ؛ لوجهين :
الأول : أن القادرية : قد تنفك عن العالمية ؛ بأن يكون العالم عالما بشيء ؛ وهو غير قادر عليه.
أما فى حق الواحد منا : فظاهر.
وأما فى حق الله ـ تعالى ـ فإنه عالم بذاته ، وصفاته ، وعالم / بالمعدومات الممتنعة ؛ وليس قادرا عليها.
ومع الانفكاك : فيمتنع التعليل بعلة واحدة ؛ لما حققناه فى صدر الكلام عن البرهان.
__________________
(١) أبو سهل الصعلوكى : من الأشاعرة المشهورين ولد سنة ٢٩٦ ه وتوفى سنة ٣٦٩ ولقب بالأستاذ كان فقيها ، وأصوليا ، وعالما ، وأديبا ، ومفسرا (طبقات الشافعية ٢ / ١٦١ ـ ١٦٤ وفيات الأعيان ٣ / ٣٤٢ ـ ٣٤٣ ، الوافى بالوفيات ٣ / ١٢٤).