فإن قيل : كيف يقال بامتناع تعليل الحكم الواحد بعلتين مختلفتين على طريق البدل ، وعالمية الرب ـ تعالى ـ بالسواد كعالمية الواحد منّا به والعالميتان معللة بعلمين مختلفين عندكم : وهما العلم القديم ، والحادث.
قلنا : لا نسلم أن العلم الحادث من حيث هو علم ؛ مخالف للعلم القديم من حيث هو علم ؛ ولذلك يعمهما حدّ واحد.
وإنما الاختلاف : فى أمور خارجة من القدم ، والحدوث ، والعرضية ، والإمكان ؛ وذلك لا مدخل له فى التعليل.
فإن تعليل العالمية القديمة ، والحادثة : إنما هو بالعلم من حيث هو علم ؛ لا بخارج عنه.
وأما أن الحكم لا يعلل بعلة مركبة من أوصاف : فلوجهين (١) :
الأول : أن اقتضاء العلة للحكم ، وتأثيرها فيه لذاتها ، وصفة نفسها وجنسها ؛ لا باعتبار أمر خارج عنها.
فكل واحد من وصفى العلّية ، بتقدير انفراده : إما أن يكون مؤثرا فى المعلول ، أو لا يكون مؤثرا فيه. لا جائز أن يقال / بالتأثير : لأن التأثير ، ولا أثر ؛ محال.
وإن لم يكن مؤثرا حالة الانفراد : فلا يكون مؤثرا حالة الاجتماع ؛ لأن جنس الصفة لم يتبدل ، ولم ينقض باجتماعه مع غيره ، فما هو صفة فى نفسه ، ومقتضى ذاته ؛ لا يكون متغيرا.
وإذا لم تكن كل واحدة من الصفتين متغيرة حالة الاجتماع عن حالة الانفراد فى ذاتها ، وصفة نفسها ، ولم تكن مؤثرة حالة الانفراد ؛ فكذلك حالة الاجتماع.
الثانى (١) : أن الصفتين إن تماثلتا : فهما ضدان ؛ لما سبق (٢) ؛ والأضداد لا تجتمع.
__________________
(١) من أول : «فلوجهين ... إلى قوله : فكذلك حالة الاجتماع. الثانى :» ساقط من ب.
(٢) راجع ما سبق فى الأصل الثالث ـ الفصل السادس ل ٧٩ / أ.