فإن كان لذاته : لزم امتناع عروه / عن الأعراض ؛ لما سبق فى المسلك الّذي قبله. وإن كان لا لذاته : فإما أن يكون ذلك لمعنى ، أو لا لمعنى.
لا جائز أن يكون ذلك لا لمعنى ، ولا لذاته ؛ وإلا لما كان امتناع العرو أولى من عدمه.
وإن كان ذلك لمعنى : فذلك المعنى : إما لازم لذات الجوهر ، أو للازم ذاته.
وعلى كل تقدير ؛ فيلزم امتناع عرو الجوهر عن الأعراض فى أول حال حدوثه ؛ ضرورة تحقق الذات ، وأنه يلزم من تحققها تحقق لازمها ، ولازم لازمها.
وهذا وإن كان أقرب من الأول : إلا أنه يتجه عليه ما اتجه على الأول من كونه إلزاما على الخصم ، وأنه لا يمتنع أن يكون ذلك لذاته ، أو للازم ذاته مشروطا بقيام العرض به كما تقدم (١).
المسلك الثانى : ويخص القائلين باستحالة تعرى الجواهر عن بعض الأعراض دون البعض : كالبصريين ، والبغداديين (٢).
قولهم : إذا سلم امتناع خلو الجواهر عن الأكوان ، أو الألوان فلا يخلو : إما أن يكون ذلك لنفس الجوهر ، أو لكونه قابلا له. وأى الأمرين قدّر ؛ فيلزم مثله فى باقى الأعراض ؛ ضرورة أن نسبة ذات الجوهر وقبوله إلى جميع الأعراض نسبة واحدة ؛ وهو ضعيف أيضا نظرا إلى امتناع الحصر فيما ذكر من الأقسام على ما تقدم (٣).
وبتقدير الحصر فلا يمتنع أن يكون الجوهر لذاته ، أو للازم ذاته موجبا لامتناع عروه عن بعض الأعراض ، ولا يلزم التّعميم ، ضرورة اختلاف الأعراض ، وأن ما اقتضى شيئا غيره لازم أن يكون مقتضيا لمخالفه.
__________________
(١) راجع ما مر فى ل ٧ / ب وما بعدها.
(٢) قارن بما ورد فى الشامل للجوينى ص ٢١٣ فصل : مشتمل على ذكر شبه المخالفين.
(٣) راجع ما مر فى ل ٧ / ب وما بعدها.