وعلى هذا : فلا يلزم أن ما كان من الافات مانعا من العلم ببعض الجواهر أن يكون مانعا من العلم بجوهر آخر. فإن العلوم المتعلقة بالمعلومات المتعددة المتماثلة تكون مختلفة على ما تقرر فى أحكام العلوم (١).
ولا يلزم أن من كان مضادا لأحد العلمين المختلفين ، أن يكون مضادا للعلم الآخر. ولا يلزم أيضا على هذا أنه إذا تجدد له علم لم يكن انتفاء ضد باقى العلوم ، التى لم تكن ؛ لاحتمال أن يكون كل جنس من أجناس العلوم ، ضده غير ضد الجنس الآخر.
ولا يلزم من انتفاء بعض الأجناس ، انتفاء ضد الباقى.
وعلى سياق / / هذا التحقيق.
فإن قلنا بالبقاء ، والاعتمادات ، وأنه لا ضد للبقاء ، ولا للاعتمادات ، فلا يتصور خلو الجوهر الموجود عنها وإن لم نقل بالبقاء والاعتمادات ؛ فلا إشكال.
وأما الماء : فلا نسلم أنه لا لون له ؛ بل هو متلون بلون البياض.
وأما الهواء : فإن قلنا إنه غير مدرك فى وقتنا هذا ؛ فلا يلزم من عدم إدراكه عدم لونه فى نفسه.
وإن قلنا : إنه مدرك فى وقتنا هذا ؛ فهو متلون بلون السواد ليلا ، والبياض نهارا.
وأما الخشب والحجارة وما ذكروه من الصور : فلا نسلم أنه لا طعم لها ، ومن يطعم ذلك ، ولا سيما مع السحق ، علم أنهم فيما ادعوه مكابرون ، ومجاحدون.
كيف وأن من أنكر امتناع خلو الجواهر عن الأعراض ، مع تسليمه امتناع خلوها عنها بعد قيامها بها ، لو سئل عن الفرق ؛ لم يجد إليه سبيلا.
وأما ما يقال فى طرف الإلزام عليهم أن إنكار امتناع تعرّي الجواهر عن الأعراض ؛ مما يسد باب إثبات حدوث الجواهر ، وإثبات امتناع حلول الحوادث بذات الله ـ تعالى ـ (٢) ؛
__________________
(١) راجع ما مر فى الجزء الأول ـ القاعدة الأولى ـ القسم الرابع : فى أحكام العلم ل ٥ / ب وما بعدها.
/ / أول ل ٨ / أمن النسخة ب.
(٢) راجع ما سبق فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع الرابع ـ المسألة الرابعة : فى بيان امتناع حلول الحوادث بذات الرب ـ تعالى ـ ل ١٤٦ / أ.