وهو أيضا ألزم على القائلين بامتناع خلو الجوهر عن الأكوان دون غيرها.
وأما الوجه الثانى : فقد قال الأستاذ أبو إسحاق فى جوابه : إن من قام به علم ببعض المعلومات ؛ فعلمه القائم به ضد لما لم يقم به من العلوم. وما يقوم به من العلوم ؛ لا يكون إلا متناهيا.
وبناه على أصله فى أن العلوم وإن كانت مختلفة ، فلا تجتمع فى محل واحد. وأن ما تجده من العلوم المجتمعة لنا ، فليست قائمة بمحل واحد ؛ بل كل علم قائم بجزء من القلب ؛ غير ما قام به العلم الآخر.
قال : وإن لم يقم به علم أصلا ؛ فلا بد وأن يتصف باقيه بكون مع اتحادها مانعه لجميع العلوم التى لا نهاية لها ، ومضادة لها : كما فى الموت ، وعلى كلا التقديرين ، فلا يلزم أن يقوم به أضداد لا نهاية لها.
غير أن ما ذكروه مبنى على أن العلوم المختلفة متضادة ؛ وقد سبق ما فى ذلك فى أحكام المعلوم (١).
وقال الأستاذ أبو بكر : المعلومات وإن كانت فى نفسها غير متناهية إمكانا ؛ فلا نسلم قبول الإنسان لعلوم غير متناهية ؛ لامتناع وجود ما لا تتناهى.
وإذا لم يكن قابلا لما لا يتناهى من العلوم ؛ فلا يلزم أن يقوم به بتقدير خلوه من العلوم التى لا نهاية لها ، أضداد لا نهاية لها ؛ فإن قيام الضد إنما يكون بدل ما المحل قابل له ، والمحل غير قابل لما لا يتناهى ؛ وهو أسد من الأول.
وقال القاضى أبو بكر (٢) ـ من قام به علم ببعض المعلومات / دون باقى المعلومات.
فانتفاء باقى العلوم إنما هو بآفة مضادة لها دون ما قام به من العلم.
وعلى هذا : فلا يفتقر إلى قيام أضداد لا نهاية لها ، وهو متبين أيضا.
__________________
(١) راجع ما مر فى القاعدة الأولى ـ القسم الرابع ـ الفصل التاسع : فى أضداد العلم الحادث وأحكامها ل ١٢ / ب وما بعدها.
(٢) انظر التمهيد فى الرد على الملحدة المعطلة والرافضة والخوارج والمعتزلة ص ٤٠.